يواصل آلاف الفلسطينيين، اليوم الإثنين، اعتصامهم في خيام العودة على طول الشريط الحدودي لقطاع غزة، لليوم الرابع على التوالي، بعد انطلاق مسيرة العودة الكبرى، يوم الجمعة الماضي، والتي شارك فيها مئات الآلاف من غزة والضفة الغربية.
وأعلنت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية في الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار، أنها في حالة انعقاد دائم لمتابعة فعاليات مسيرة العودة وقد وضعت برنامج فعاليات مستمرة ومتواصلة تشمل نشاطات مختلفة في مخيمات العودة لضمان مواصلة العمل على تطوير المشاركة الجماهيرية والشعبية والتواجد في خيام الاعتصام بشكل خاص.
ورغم سقوط 18 شهيدا وإصابة ما يقرب من 1500 فلسطيني، خلال الأيام السابقة، إلا أن الفلسطينيين يصرون على استكمال مسيرتهم والتي من المقرر أن تستمر حتى ذكرى النكبة في مايو، خاصة أن أهدافا تحققت في الأيام الأولى من المسيرات، وبشهادات إسرائيلية.
ونبزر أهم الأهداف التي حققها الفلسطينيون في أولى أيام انتفاضتهم.
إحياء للمقاومة
منذ حرب غزة 2014، لم تشهد فلسطين حراكا قويا، إلا فيما يتعلق بالتظاهرات التي تزامنت مع الإعلان الأميركي «القدس عاصمة لإسرائيل»، فكانت ذكرى الأرض فرصة قوية لإثبات أن روح المقاومة لا تزال تسري في عروق الشعب الفلسطيني.
وقال المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية المصري، خالد الشريف، في بيان ندد بالانتهاكات الإسرائيلية بحق المتظاهرين: إن «مسيرة العودة والدماء الزكية التي تدفقت الجمعة، أحيت المقاومة من جديد في صدور الشعب الفلسطيني، بعد أن تراجعت القضية الفلسطينية كثيرا خلال السنوات الأخيرة نتيجة لما تتعرض له المنطقة العربية من مآس وحروب».
ولفتت صحيفة «ميدل إيست مونيتور» البريطانية، في تقرير لها، إلى هذه النقطة، وقالت: إن مسيرة العودة الكبرى التي انطلقت في غزة تمهد إلى انطلاقة حملة مقاومة جديدة.
وبينت الصحيفة أن المظاهر الجديدة للمقاومة الفلسطينية في ظل الاستعمار الإسرائيلي الذي دام لـ7 عقود هو احتشاد جماعات فلسطينية فيما يطلق عليه اسم (مسيرة العودة الكبرى).
صدارة المشهد الدولي
خلال 3 أيام من انطلاق المسيرات، وتصدرت أخبار فلسطين وقطاع غزة، المواقع العربية والعالمية، والعبرية، وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات والهاشتاجات، لتتحقق أول أهداف المسيرة بإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة مرة أخرى.
خلال 3 أيام، اجتمع مجلس الأمن مرتين، وأعلنت الجامعة العربية اجتماعا طارئا يوم غد، كما أجبرت سلمية المسيرة في مقابل عنف وإجرام الاحتلال، إلى إصدار إدانات دولية للانتهاكات التي أسفرت عن مقتل 18 شهيدا وإصابة 1500 فلسطيني.
ويأتي الحراك الشعبي في فلسطين، في ظل تراجع قوي للدعم العالمي للقضية الفلسطينية، في مقابل دعم أميركي كبير للكيان الصهيوني، دفع إلى السير في خطوات سريعة ومتواترة لتصفية القضية، بزيادة الاستيطان، وسحب الجنسيات، وإصدار قوانين مجحفة بحق الفلسطينيين.
حق العودة مقدس
كانت الرسالة الأولى، والهدف الأسمى للمسيرات هو أن الأرض غالية، وأن أصحابها لن يفرطوا فيها، وأن كل المؤامرات والمبادرات لن تثني الشعب الفلسطيني عن التمسك بحق العودة، الذي فشلت المؤسسة الدولية ولا المجتمع الدولي؛ تنفيذ قرار 194، القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي التي هُجروا منها، وحقهم في التعويض عن سنوات المعاناة والظلم التاريخي.
وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في غزة، إسماعيل هنية، إن فعاليات مسيرة العودة الكبرى دليل على تشبث الفلسطينيين بحق العودة ورفضهم تصفية القضية الفلسطينية وأن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن القدس المحتلة، لا بصفقة قرن ولا بغيرها.
واعتبر هنية، في كلمة ألقاها الجمعة، أن مسيرة العودة الكبرى برهنت للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ولصفقته ولكل من يقف معها أنه لا تنازل عن القدس ولا بديل عن فلسطين ولا حل إلا بالعودة.
ومن جهته، اعتبر المتحدث باسم المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، زياد العالول، إن فعاليات «مسيرة العودة الكبرى»، هي «أول محاولة لتنفيذ قرار الأمم المتحدة الخاص بحق العودة».
عرت الإعلام الإسرائيلي
استطاعت المسيرة بسلميتها، وتنظيمها، أن تعري ادعاءات الاحتلال وإعلامه الذي حاول تصدير أن الفلسطينيين، سيحاولون اقتحام السياج الفاصل، وأن العنف سيكون من طرف المتظاهرين، إلا أن مشاهد عدة داخل المسيرات كذبت تلك الادعاءات.
وذكرت صحيفة «هآرتس» العبرية أن إسرائيل، فشلت في المعركة الدعائية أمام حركة حماس والجماهير الفلسطينية، بعد محاولتها تصوير مسيرة العودة التي شارك فيها عشرات الآلاف في قطاع غزة الجمعة محاولة لاجتياح الحدود.
واعتبر عميد كلية الإعلام في جامعة الأمة بغزة، عدنان أبو عامر، أن دولة الاحتلال خسرت المعركة الإعلامية في مواجهة مسيرة العودة، موضحا في تصريحات لـ«قدس برس»، «دون مبالغة لم تعد شكوك كبيرة، حتى داخل إسرائيل ذاتها، أنها خسرت المعركة الإعلامية في مسيرة العودة».
وأضاف أن «الماكينة الدعائية لدولة الاحتلال تتشبث خلف رواية هنا وصورة هناك تصدر عن الفلسطينيين، وتستغلها بكل اللغات، لتوظيف روايتها المغلوطة، وسرديتها الكاذبة».