قالت صحيفة «دايلي تراست» إنّ مصر لا تتمتع باستقرار حقيقيّ حاليًا، متوقعة أن تستمر الأمور في التدهور إذا أصرّ عبدالفتاح السيسي على الطريقة التي يدير بها السياسة الحالية، القائمة على الترهيب والتخويف وكتم الأصوات، ووصلت أيضًا إلى مؤيديه.
وأضافت في مقال لهيئة التحرير، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ ما شاب الانتخابات والظروف قبلها لا يمتّان إلى الديمقراطية بأيّ صلة، والعالم كلّه شاهد بعينيه ما حدث فيها؛ وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات فوز السيسي بنسبة 97% من إجمالي الأصوات، واضطر زعيم حزب الغد «موسى مصطفى موسى» دعمه حتى قراره في الوقت الأخيرة بدخول السباق؛ ليعطي الانتخابات مظهرًا تنافسيًا وديمقراطيًا.
وتولّى السيسي، الرئيس السادس لمصر، منصبه في يونيو 2014 بعد انقلاب يوليو 2013 الذي أطاح فيه بأول رئيس مدني منتخب محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان، التي حظرها السيسي فيما بعد. وفشل في مكافحة التمرد في سيناء، ويعتبر ملف مكافحة الإرهاب أحد الأساسيات التي يرتكز عليها لتعزيز مكانته وتمكينها؛ خاصة قبل فوزه في الانتخابات الرئاسية التي أجريت منذ 26 إلى 28 مارس 2018 وبعدها.
حفلة تنكرية
وقبيل الانتخابات، قاد النظام المصري حملات قمع غير مسبوقة، استهدفت المعارضة الإسلامية والمدنية، واتّبع استراتيجية الترهيب والإكراه واحتجز عشرات الآلاف داخل السجون؛ وفقًا للمنظمات الحقوقية، وقتل أكثر من 1400 شخص، بينهم أحكام إعدام بالجملة.
وعلى الرغم من التحديات، كانت نتائج الانتخابات متوقعة كثيرًا، خاصة وأنّها تفتقر إلى منافسين موثوقين؛ وهو ما يعدّ تغييرًا جذريًا ومفاجئًا للسياسة المصرية. والانتخابات الحالية أيضًا شهدت حالة درامية سياسية جاءت بالسيسي في النهاية رئيسًا.
وطالب سياسيون معارضون المصريين بمقاطعة الانتخابات، ووصفوها بأنها حفلة تنكرية؛ وما حدث دليل من التاريخ على أنّ الديمقراطية لا يمكن أن تستقر في ظروف كهذه في الدول الإفريقية جميعها وليس في مصر فقط، وأثارت موجات من خيبات الأمل والحقد والمرارة؛ بسبب السياسة فيها.
تعزيز للسلطة
ومنذ توليه السلطة في مصر، تعرّض السيسي إلى حملات لاذعة من جماعات حقوق الإنسان؛ لقمعه الحريات المدنية والمعارضة، واستمراره في قمع حرية الرأي والتعبير. وأكّدت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها السنوي لعام 2017 أنّ حكومة السيسي حافظت على سياسة معاقبة المعارضة دائمًا؛ بالرغم من أنّ مصر دولة تتلقى مساعدات عسكرية أميركية ووقّعت «اتفاقية سلام» مع «إسرائيل».
وأضافت المنظمة أيضًا أنّ مصر تقود حربًا ضد مجموعات تابعة لتنظيم الدولة؛ ونتيجة لذلك أغلقت الحدود مع قطاع غزة، وضغطت على حركة حماس لإغلاق أنفاق التهريب في سيناء التي تساعد على تهريب الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع، لكنّ هذه الحرب يراها الخبراء والمحللون فشلت في الإطاحة بالتنظيم من سيناء بعد سنوات من بدئها.
واستغلها السيسي لتعزيز نفسه، والظهور مدافعًا عن الأمن وحامي المصريين من شرور الإرهاب؛ لكنّ الحقيقة أنه لا يوجد أيّ تقدم على أرض الواقع في محاربة تنظيم الدولة شمال سيناء، بل تستمر الهجمات حتى الآن، ولا تقتصر على سيناء فقط؛ بل وصلت إلى المدن والمحافظات الكبرى في وادي النيل، وحتى حادثة الإسكندرية الأخيرة التي استهدفت مدير الأمن.
ما الحل؟
وعلى نظام السيسي الاستفادة من الفرص الأخيرة التي ظهرت لمنع مصر من الانزلاق نحو مستنقع الاضطراب، وأن يُحدِث تأثيرًا هائلًا وفرقًا جوهريًا في أسلوب معيشة المصريين وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، وأيضًا ضرورة مدّ يديه إلى المرشحين الذين أجبرهم على الانسحاب عن طريق الترهيب، وألا يمدّ يده للمعارضة وحسب؛ بل مزيد من السياسيين الذين يمكن أن يساعدوه في نهاية المطاف على إنقاذ مزيد من الأرواح البريئة؛ أي باختصار: فتح المجال العام وإعطاء فرصة لممارسة حياة سياسية ثرية وتنافسية؛ وهذه الطريقة المثلى والأسرع لجلب الاستقرار إلى مصر.
أيضًا، على النظام فتح منافذ للتعبير عن الآراء للشعب المصري، وإعطاء المعارضين الفرصة للتعبير عن سياسة معارضة شرعية بعد انتهاء الانتخابات، وضمان عمل جميع الأطراف من أجل استقرار مصر، وضمان استدامة الانضباط واللالتزام بالمبادئ لأفضل الممارسات السياسية؛ وهو أمر من شأنه أن يعزز من ثقة المواطنين ومشاركتهم على جميع المستويات لا الانتخابات فحسب، وضمان ألا تعود البلد إلى منزلق بعد ثورة يناير والمدة الانتقالية وما أعقب انقلاب يوليو 2013.