على مدى سنوات، تمكّن بشار الأسد من الاستفادة القصوى من سياسة الاسترضاء التي اتّبعتها إدارة أوباما، وبالتالي تمهيد الطريق أمام التدخل الروسي في الشرق الأوسط؛ والضحايا هم المواطنون العرب. وستسعى إيران للرد على الهجمات الأميركية؛ لرفع معنويات قواتها العسكرية بجميع أنحاء البلاد فيما يتعلّق بتوازن القوى الإقليمية، وفي الوقت الذي تواجه فيه الدولة الإيرانية احتجاجات مختلفة من الداخل؛ فلذلك تحتاج إلى إظهار أنّ لها تأثيرًا قويًا خارج الحدود.
هذا ما يراه الكاتب والناشط الإيراني «حشمت علوي» في مقاله بصحيفة «فوربس» وترجمته شبكة رصد. مضيفًا أنّ إيران تعدّ الراعي الرسمي لبشار للأسد؛ بعد إنفاقها عشرات المليارات من الدولارات في سوريا، وتأكيدها من قبل أنّ أيّ ضربات أميركية محتملة لا بد أن يُرد عليها. وبالرغم من ذلك؛ لم تتخذ حتى الآن أيّ إجراءات جدية بعد الهجوم الأميركي في 14 أبريل الجاري، لا سيما بعدما قالت تقارير مختلفة إنّ الصربة استهدفت قواعد تابعة لنظام بشار ومرتبطة في الوقت نفسه بالمليشيات المدعومة من إيران.
ووصف المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي قادة أميركا وفرنسا وبريطانيا بأنهم مجرمون؛ وهذا وصف غير مسبوق، وخالف جميع الأعراف الدبلوماسية؛ فهل يمكن اعتبار تصريحات المرشد مقدمة لهجوم قادم؟
وزعمت الوكالة الإيرانية شبه الرسمية «تسنيم» أنّ «قوات القدس»، التابعة للحرس الثوري، وكذلك مليشيا «عصائب الحق» المكونة من 40 ألف مقاتل، يعدان العدة حاليًا لمحاصرة القوات الأميركية المتمركزة في قاعدة الزهراء الجوية شمال غرب بغداد.
ويفهم حكام إيران بوضوح كيف انتهت سياسة الاسترضاء التي انتهجها أوباما في مواجهة جرائم النظام الإيراني داخل البلاد، إضافة إلى المليشيات التابعة له في الخارج، ومنذ قدوم ترامب شهدنا إجراءات صارمة ضد عداء إيران؛ ما أسفر عن نتائج مهمة.
فلبعض الوقت لم نعد نسمع تقارير عن قوارب الحرس الثوري الإيراني التي تضايق السفن الحربية الأميركية في المياه الدولية في الخليج العربي، كما مرّت شهور منذ اختبار إيران الأخير لإطلاق صاروخ باليستي، وأصبحت تعتمد على الحوثيين في اليمن لإطلاق صواريخها صوب السعودية؛ لتغطية وجهها.
ونظّم الشعب الإيراني احتجاجات كبرى في المدة الماضية؛ اعتراضًا على التدهور الاقتصادي والتدخلات الخارجية التي تهدر أموال الشعب، بالتوازي مع الهبوط الحاد الذي شهدته العملة الإيرانية أمام الدولار والعملات الأخرى؛ ما سيحدّ -عاجلًا أم آجلًا- من قدرتها على توسيع نطاق تدخلاتها الخارجية.
كما أجبرت سياسة ترامب الراسخة كوريا الشمالية على الموافقة على الحد -بشكل كبير- من برنامج الأسلحة النووية والقذائف التسيارية، بينما تفتقد روسيا حاليًا الضعف الذي كانت عليه إدارة أوباما ومكّنها سابقًا من احتلال موطئ قدم في الشرق الأوسط، عبر حملاتها العسكرية في سوريا؛ والدليل رفضها الرد على الغارات الجوية الأميركية ضد نظام بشار.