قال صحيفة «المونيتور»، في تقرير لها ترجمته «شبكة رصد»، إنّه بالرغم من انخفاض أعداد المتظاهرين الفلسطينيين على طول السياج الحدودي مع «إسرائيل»؛ فالعنف الموجّه ضده من الكيان المحتل كان أكثر من الأيام السابقة. ويحقق جيش الاحتلال حاليًا في استشهاد صبي فلسطيني (15 عامًا) قتل برصاصهم في 21 أبريل الجاري.
وبصرف النظر عن قلة الأصوات الرافضة والخارجة من اليسار الإسرائيلي، فلا يوجد أيّ انتقاد لقوات الاحتلال داخل المجتمع الإسرائيلي، ويتمركز قناصة «إسرائيليون» على طول السياج الحدودي، ويستهدفون المتظاهرين سلميًا؛ بينما يوافق الجميع داخل «إسرائيل» على أنه لا بديل إلا إطلاق النار؛ لمنع الفلسطينيين من اختراق السياج.
وقالت مصادر بارزة على اطّلاع بالتواصل الإسرائيلي مع الجانب المصري وأميركا والسلطة الفلسطينية إنّ «إسرائيل» يجب أن تتحمل جزءًا من اللوم؛ بسبب وصول الأمور لطريق مسدود، محملين حركة حماس أيضًا جزءًا من المسؤولية، كما إنّ الجانب الإسرائيلي سد الطريق أمام الخيارات الأخرى غير إطلاق النار على المتظاهرين.
وأضافت المصادر، أنه كان يمكن لدولة إسرائيل ان تدفع في اتجاه نجاح جهود المصالحة الفسطينية، وكانت يمكن أن تؤدي دورا في عودة السلطة الفلسطينية لغزة وإدارة شؤون القطاع من هناك، وهو ما كان سيسمح برفع الخنق على الفلسطينيين تدريجيا، والتحسن الفوري في معيشتهم وتعزيز شعورهم بالأمل.
وأضافت المصادر أنّ «إسرائيل» وعدت مصر بأنّها ستشجّع المصالحة، وقال مصدر دبلوماسي غربي لـ«المونيتور»، طلب ألا تُكشف هويته، إنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعد بنفسه عبدالفتاح السيسي بأنّه سيقف وراء خطة المصحالة، وسيبذل كل ما في وسعه لضمان نجاحها، مضيفًا أنّ اللواء خالد فوزي، رئيس المخابرات العامة، تلقى وعودًا مماثلة من نتنياهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين.
لكن، بعد بدء تطبيق خطة عملية المصالحة، تحوّل الموقف الإسرائيلي كليًا؛ وبدلًا من تشجيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أرعبته، وقوّضت المصالحة. وقال المسؤول الرفيع إنّ الأمر لم يقتصر على تغيير موقف نتنياهو وحسب؛ بل تمكّن من تغيير موقف الإدارة الأميركية أيضًا، موضحًا أنّ مبعوثين أميركيين «جاريد كوشنر وجايسون جرينبلات» استمعا إلى تفاصيل عرض السيسي على «إسرائيل»، وأعربا عن موافقتهما عليها.
لكنّ أميركا أعادت صياغة موقفها بما يتماشى مع الرؤية الإسرائيلية، ولم تبذل أيّ مساعٍ لضمان نجاح المصالحة؛ وبالتالي انهيارها، وهو ما حوّل يحيى السنوار من براجماتي محتمل إلى شخصية أكثر تطرفًا، ولم يعد يدعم إعادة غزة للسلطة الفلسطينية؛ وفقد السنوار الأمل، ويبدو أنه لن يرى حلًا سوى المقاومة.
وبذل المصريون جهودًا عدّة لحل نجاح المصالحة، وقال مصدر دبلوماسي رفيع المستوى لـ«المونيتور» إنّ المصريين درّبوا أكثر من 1200 شاب غزاوي في مصر لمدة طويلة ليكونوا بمثابة قاعدة شعبية ترسم النهج الجديد الرافض للتطرف والداعي للبرجماتية.
وكان يحيى السنوار محتجزًا لدى قوات الاحتلال، وبعدما أطلق سراحه بدا أنّ موقفه من المقاومة لم يتغير، واستمر في قيادة أنشطة ضد الكيان الإسرائيلي. لكنّ موقفه أصبح أكثر اعتدالًا بعد الحديث عن المصالحة؛ إذ فضلها وفضل عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، بل إنه ألمح إلى مرحلة أكثر تقدمًا، تمارس فيها السلطة الفلسطينية سيطرتها أمنيًا على فلسطين كلها.
لكنّ الموقف «الإسرائيلي» تحوّل بشكل درامي في هذه المرحلة، وأكد مصدر دبلوماسي غربي الاجتماع في القاهرة بين حماس ورئيس الاستخبارات الفلسيطينة ماجد فرج، وأنّ يحيى السنوار وافق على دخول ثلاثة آلاف شرطي فلسطيني مسلحين إلى قطاع غزة من الضفة الغربية؛ لكنّ ماجد فرج اشتكى من أنّ الإسرائيليين منعوا الشرطة الفلسطينية المسلحة من عبور أراضيها إلى قطاع غزة؛ وهو ما كشف تحوّل الموقف الإسرائيلي من المصالحة، فحاول السنوار بكل قوة أن يثبت جديته بالتخلي عن احتكار السيطرة المسلحة على القطاع؛ لكنّ «إسرائيل» قوّضت هذه الجهود.
وفي الوقت نفسه، أرسلت «إسرائيل» رسالة واضحة إلى رام الله: لا تصدقوا حماس، سيذبحون الناس في غزة مثلما فعلوا في المرة الأخيرة، ما يحدث الآن سينتهي بكارثة. وقال الدبلوماسي البارز: وهكذا، عندما وصلت لحظة الحقيقة للمصالحة برمّتها، أحبطتها «إسرائيل»؛ فبدلًا من دعم عباس المتشكك خوّفته وأرعبته من حركة حماس.