استمرار عمليات الاغتيال في إدلب من عناصر مجهولة، وزيادة الإنفلات الأمني، واستهداف قيادات من فصائل متفرقة، جعل سياسيون يؤكدون أن الاقتتال الداخلي يشير إلى مسؤولية النظام، إضافة إلى اختلال القوى داخل المدينة، خاصة بعد الاتفاق الذي وقعته «جبهة تحرير سوريا» و«ألوية صقور الشام» و«هيئة تحرير الشام».
وكانت آخر الاغتيالات ما أعلنه الدفاع المدني في محافظة إدلب، بمقتل قائد الشرطة الحرة في مدينة الدانة بريف إدلب الشمالي، الرائد أحمد الجرو، ونائب قائد جيش العزة خالد معراتي أبولهب.
وفرضت «جبهة النصرة» على إثر الاغتيالات، حظرا للتجول لمدة 3 أيام في مناطقها للحد من عمليات التصفية التي تطال عناصرها، واعتقل الجهاز الأمني لها عدة ملثمين قالت إنهم تابعين لتنظيم (أحرار الشام) حاولوا تنفيذ عمليات اغتيال وتصفية.
في المقابل أعلن الجهاز الأمني في «هيئة تحرير الشام»، عن إلقاء القبض على خلية مسؤولة عن الاغتيالات في ريف إدلب، دون ان تعلن صراحة عن انتمائهم .
اغتيالات الشمال السوري
يشهد الشمال السوري، تصاعد وتيرة الاغتيالات السياسية، فحتى الخميس، سجلت في الـ 72 ساعة الماضية أكثر من 50 عملية اغتيال وتصفية في صفوف الفصائل، كان آخرهم، محاولة اغتيال القيادي في جبهة النصرة عبدالله المحيسني، بعد انفجار عبوة ناسفة بسيارته قرب مدينة سراقب.
وتستهدف العلميات التي لم تتبنى جهة مسؤوليتها عن العمليات، والتي لايزال منفذيها مجهولون، واستهدفت مدنيين وعسكريين ونشطاء إعلاميين، وقياديين من فصائل مختلفة.
وقتل «أبو الورد كفر بطيخ»، القيادي البارز في «تحرير الشام»، و«أبو سليم بنش»، أحد قياديي«جيش الأحرار»، إضافة إلى تعرض ثلاثة أشخاص للقتل بالقرب من معرة مصرين في ريف ادلب، وهم من مُهجّري الزبداني من ريف دمشق.
ومن بين المستهدفين كان «أبو ربيع حلفايا» مسؤول قسم الآليات في «تحرير الشام» لإطلاق نار مباشر أدى لمقتله، وقتل ثلاثة عناصر من «الحزب الإسلامي التركستاني» بالقرب من بلدة أرمناز شمالي إدلب.
وقتل شابا يدعى «طراد الديري»، في بلدة جوباس، وهو قريب من حركة «تحرير الشام»، وقتل القيادي في (أحرار الشام) المدعو (أبو عبدو هندسة) بكمين، (أحمد الجرو) الذي يشغل منصب ما يسمى (قائد شرطة الدانا الحرة) جراء انفجار عبوة ناسفة
الاغتيالات والقوى المؤثرة في الشمال
حجم الاغتيالات وتواترها، يفتح المجال عن الحديث حول الأوضاع الغير مستقرة بمحافظة إدلب وحجم الاختراقات في صفوف الفصائل السورية، ويشير إلى تجهيز المنطقة ربما لحرب وشيكة تنتج مذبحة جديدة في سوريا، بحسب محللون.
وقال المحلل السياسي خليل المقداد، إن هناك جهات لا يروقها أن تنتهي حرب الفصائل في إدلب، وهي الحرب الملعونة التي بدأت بقتال الفصائل لتنظيم الدولة، ولكنها تحولت لاحقا إلى اقتتال داخلي فيما بينهم.
وأوضح المقداد في تصريح لـ«رصد»، ان «موجة الاغتيالات تصاعدت بعد الاتفاق بين الهيئة والجبهة، وهذا مؤشر خطير على حجم الاختراق الحاصل، لانه ينبه إلى أن البيئة غير مهيئة لأي عمل باتجاه النظام، حيث أنه من يريد ان ينطلق للخارج عليه ان يؤمن الداخل».
وأشار المحلل السياسي، إلى أن المنطقة يحكمها عدد من التطورات الداخلية والإقليمية، بما في ذلك إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نيته دخول إدلب، إضافة إلى التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة حول منبج.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعلن نيته بسط سيطرته على محافظة إدلب، ومن ثمَّ يتجه إلى ثلاث نقاط جديدة في سوريا، هي تل رفعت ومنبج، وعين العرب بحسب قناة «تي.أر.تي».
وحول التطورات التي تلقي بظلالها على الشمال السوري، قال المقداد أن هناك «الاجتماع الثلاثي» «روسيا إيران تركيا»، ولدينا الاتفاق بين الكوريتين، إضافة إلة الدور الفرنسي المتصاعد في سوريا، وهناك الفصائل الرافضة للتسوية».
وعقد أمس السبت، اجتماعا بين وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا، والذي يسبق لقاء بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأردني أيمن الصفدي في 3 مايو المقبل لبحث الوضع جنوبي سوريا.
وعن الفصائل السورية ودورها في الصراع الدائر، قأوضح أن «معظم الفصائل يعمل بأوامر واجندات خارجية، لا يهمهما ان تتواجد هيئة تحرير الشام إذا كانت الأوامر الخارجية تقتضي ذلك» لافتا إلى أن «هيئة تحرير الشام حرفت البوصلة عن قتال النظام».
وعلى صعيد آخر، قال المقداد إن روسيا تحاول اخضاع الفصائل للنظام والخروج بتسوية للحصول على أكبر قدر من الغنائم وبسط نفوذها وسلطتها، حتى لو على حساب رأس النظام، والذي من الممكن ان يتم تغييره اذا اقتضى الأمر ذلك.
وأوضح أن «الوضع خطير جدا وينذر بما هو كارثي في حال استهداف إدلب، وربما يكون هناك مجازر ضخمة لانها تضم أكثر من مليوني هناك» مشيرا إلى أن ايضا فصائل قد تنخرط في قتال ضد الهيئة اذا ما قررت تركيا قتالها، أو لم تجد الهيئة نقاط التقاء مع الاتراك، وقد نشهد حربا تدخل فيها جهات عديدة ربما تدخل «روسي تركي إيراني» وهنا مكمن الخطر».
لصالح من
وتفرض الاغتيالات الواقعة بين الفصائل عدد من التساؤلات، أولها من المسؤول عن هذه الاغتيالات، ومن المستفيد من حرب الفصائل، وهو ما وجه الاتهام لعدد من الجهات، أبرزها النظام وتنظيم الدولة.
وحمل ناشطون عمليات الاغتيال لـ عناصر من تنظيم «القاعدة» وخلايا تابعة لـ«الدولة الإسلامية»، متوقعين أن تشهد المنطقة تغير في موازين القوى الفترة القادمة، وتحالفات جديدة بين الفصائل.
وأشار المقداد إلى أن أيدي النظام تعبث في إدلب من خلال الاغتيالات، وقال إن موجة الاغتيالات التي راجت في إدلب خلال الأيام الماضية، تثبت حجم الاختراق في الفصائل هناك، مشيرا إلا أنها قد تكون هدفها «خلق بلبلة قبل استهداف إدلب»، بعد أن أعلن النظام عملية إدلب من مصلحته تفجير الوضع الأمني في المحافظة.
ووصف مسؤول في «جيش تحرير الشام»، ما يحدث بالشمال السوري بـ«الفوضى الخلاقة»، وهو ما يخدم مصالح تحالفات جديدة بساحة السورية .
وقال المسؤول الذي رفض ذكر اسمه، لـ«رصد» إن التحالفات الجديدة تقتضي «استنزاف الفصائل بضربها ببعضها، واغتيال القدرات الموجوده عند جميع الفصائل بولد وهن وعدم قدرة على الاستمرار واخد استقلالية القرار».
وأضاف المسؤول أن التحالف «الإيراني التركي والروسي» يقتضي سحب الحاضنة الشعبية من الفصائل، من أجل التسليم لأي قرار تتخذه التحالفات الجديدة.
ونصح الباحث السوري ماهر علوش الفصائل عبر «تويتر » بأن تتعامل مع الاحداث على أنها من صنع النظام، وقال في تغريدته «نصيحتنا إلى فصائل الشمال أن تتحرك وفق هذه القراءة وأن تتعامل مع الأحداث على أنها من صنع وتدبير النظام، بغض النظر عن انتماء القائمين عليها، فإنهم غالبا سوف يكونون مستظلين بفصيل أو جماعة، ومن هنا أحذر الفصائل من اتهام بعضها البعض، كي لا تضيع بوصلتها أكثر مما ضاعت».
واعتبر علوش، أن «اختزال الأحداث الأمنية التي يمر بها الشمال المحرر عند #داعش أو #جند_الأقصى فيه نوع تضليل لصانع القرار، ولهذا لم أتطرق صراحة لأي من هذه الفصائل، مع اعتقادي أن المجرمين يستظلون بهذه الجماعات وغيرها..».
وفي المقابل، يرى سياسيون أن تركيا، تسعى إلى التخفيف من حدة التوترات بين القوى المتصادمة في إدلب ومحاولة دمجها تحت قيادة واحدة على غرار ما فعلت في مناطق «درع الفرات»، في مواجهة الدعم الإيراني والروسي للنظام.
وبدأت تركيا في نشر نقاط مراقبة تركية في المحافظة بموجب اتفاقية «خفض التصعيد» التي وقّعتها مع روسيا وإيران، ثم تدخلها في الاتفاق بين «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً) و«جبهة تحرير سوريا»، والذي بموجبه وقف الاقتتال بين الفصيلين.