في مثل هذا اليوم قبل أكثر من 46 سنة، تمكن الجيش المصري في العاشر من شهر رمضان الموافق 6 أكتوبر 1973 من اجتياز خط بارليف وتحقيق نصر ساحق على الاحتلال الإسرائيلي، واستعادة أرض سيناء.
ورغم الانتصار الكبير التي حققته مصر بالتعاون مع الجيش السوري، إلا أن فرحة الإنتصار لم تدم طويلا، وقرر السادات توقيع اتفاقية «كامب ديفيد» واختيار التطبيع مع العدو المحتل.
عبور الكرامة
تمكن المصريون في العاشر من رمضان من دك التحصينات الإسرائيلية في بارليف بشكل مفاجئ، والإمساك بالخطوط الأساسية للمعركة، في ظل تصميم باهر على تحقيق النصر.
وتدفق الجنود المصريون إلى بارليف، واترقى عدة آلاف من خيرة شباب الوطن شهداء في رمضان، ورفعوا شعار «الله أكبر» وهم يواصلون الزحف الذي زلزل الاحتلال أمنيا وسياسيا.
وخاض الجيش المصري هذه المعركة مسندا بالجيش السوري، حيث قاتل الطرفان ضد قوات الاحتلال بالتزامن وفي دائرتين مختلفتين.
وكان النصيب السوري من المعركة داميا جدا حيث تلقى الانتقام الإسرائيلي مضاعفا، خصوصا بعد تدخل الولايات المتحدة الأميركية لإنقاذ ما بقي من كبرياء الاحتلال المنهار تحت وحل بارليف بعد الهزيمة النكراء.
سلام دافئ
في التاسع من شهر نوفمبر عام 1977، فاجأ الرئيس المصري الراحل «أنور السادات»، المصريين والعرب والعالم أجمع، حين قال في خطاب أمام مجلس الشعب: «ستُدهَش إسرائيل حينما تسمعني الآن أقول أمامكم، إني مستعد للذهاب إلى بيتهم نفسه، إلى الكنيست الإسرائيلي ذاته».
ولم تمرّ أيام حتى حطّت طائرة السادات في الأراضي المحتلة، ليلقى خطاباً في الكنيست يؤكد فيه رغبته في إقامة سلام دائم مع الاحتلال الإسرائيلي، وسط ترحيب حافل من قادة الاحتلال ورؤساء حكوماته السابقين وزعماء طوائفه.
ووقع السادات على اتفاقية «كامب ديفيد» التي اعترف فيها بوجود دولة «إسرائيل»، رغم تأكيد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي «مناحم بيغن» وحكومته، أن «إسرائيل» لا يمكن أن تعود إلى حدود العام 1967، وأنها لن تعترف بالدولة الفلسطينية.
واشتعلت ردود الفعل العربية بعد تلك الزيارة، وقاطعت الدول العربية مصر، وعلّقت عضويتها في الجامعة العربية، ولكن هذه الردود خفتت مع مرور الوقت، وفتحت الباب أمام مدّ علاقات التطبيع بين بعض الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي، لتبدأ علاقة سلام دافئ بين مصر و«إسرائيل».
صديق عزيز
رغم استمرار العلاقات المصرية مع الاحتلال بعد وفاة السادات واتجاه مبارك للحفاظ على هذه الصداقة، إلا أن مصر لم تشهد مثل التعاون والتنسيق الذي أقامه عبدالفتاح السيسي مع «إسرائيل» منذ وصوله إلى الحكم.
وكان وصول السيسي إلى السلطة في مصر بمنزلة الهدية الكبرى التي قُدمت للاحتلال الإسرائيلي، حيث قالت صحيفة «معاريف» العبرية: إن التعاون الأمني بين «إسرائيل» والجيش المصري «أصبح من العمق والاتساع» بشكل لم يسبق له مثيل.
وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» بالعلاقة التي تربطه مع عبد الفتاح السيسي، واصفا إياه بالصديق العزيز، فيما قال رئيس الاحتلال «رؤوفين ريفلين» إن السيسي عزز العلاقات مع «إسرائيل».
ووفق الخبير الإسرائيلي «أوفير فينتر» فإن مستوى الثقة الأمنية لدى الأجهزة الأمنية في الدولتين وصل إلى مستوى نقل تل أبيب إلى القاهرة تكنولوجيا عسكرية واستخبارية عملياتية، فضلاً عن قيام الطائرات الإسرائيلية بتنفيذ غارات عسكرية في سيناء بموافقة القاهرة.
ويحاول السيسي عدم إظهار تعاونه مع الاحتلال بشكل ملحوظ، حيث يكتفي بتلميحات خافتة دون تصريحات رسمية، وذلك في ظل الرفض الشعبي للتعاون مع العدو المحتل للأراضي الفلسطينية.