شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

التشويه والمشوِّهون – محمد القاضي

التشويه والمشوِّهون  – محمد القاضي
  أخشى أن نكون قد دخلنا في نفق التشويه المظلم لكل ما هو جميل في بلدنا.. فليس من الإنصاف أن ترى أعيننا الجميل قبيحا .....

 

أخشى أن نكون قد دخلنا في نفق التشويه المظلم لكل ما هو جميل في بلدنا.. فليس من الإنصاف أن ترى أعيننا الجميل قبيحا .. والحسن سيئا.. والطيب خبيثا.. وليس من الإنصاف كذلك أن تصف ألسنتنا الجمال بالقبح..

ومهما اختلفنا في آرائنا حول شيء واحد فلا بد أن نكون منصفين لا يدفعنا الحب إلى أن نواري سوءات هذا الشيء ونظهر ميزاته فقط.. ولا يدفعنا الكره إلى أن نظهر عيوبه ونخفي ميزاته فقط.. بل يجب أن نعدل في حكمنا على الأشياء بمنطق متوازن لا نميل فيه إلى ناحية بدافع الحب والكره.. فليس من الحكمة أن نكون كما يقول الشاعر:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة    وعين السخط تبدي المساويا

في بلادنا بعد الثورة أشياء كثيرة جميلة.. وأمور كثيرة قد تغيرت إلى الأحسن.. قد يبدو الجمال قليلا في بحار القبح التي سيطرت على البلاد في العهود الماضية.. وقد يبدو الحسن ضئيلا بالقياس إلى طغيان السوء.. ولكن رغم كل ذلك هناك ما هو جميل يحدث وما هو أحسن يتلألأ في الأفق.

ولكن أعينا أعماها الحقد وقلوبا ملأها الكره ونفوسا سيطر عليها الخبث لا ترى شيئا جميلا في بلادنا.. تنتظر السقطة لتجعلها طامة كبرى أصابت البلاد والعباد.. وتنتظر الخطأ لتجعل منه نهاية الدنيا.. وتنتظر التعثر أو الكوارث لتعلن أننا نستحق كل ما يحدث لنا لأننا أزحنا نظاما كان يحقق لنا الاستقرار والأمان..

ما هذا التشويه العجيب لكل ما يصدر عن رئيس الجمهورية من قول أو فعل؟

وما هذا التشويه لكل خطوة إيجابية تحدث في بلادنا؟

وما هذا التشويه لخطوات الدستور الوليد؟

وما هذا التشويه لرموز مجتمعية لا ينكر فضلها ولا يخفى على أحد حبها لهذا البلد؟

وما هذا التشويه لشهداء الثورة الذين ضحوا من أجل تحقيق الحرية والعدالة لأبناء الوطن؟

الإعلام ليل نهار لا هم له إلا التشويه تحت ستار النقد.. وأي نقد لا يرى شيئا حسنا يحدث في بلادنا؟!

كثير من الإعلاميين نعرف جميعا تاريخهم المخزي يتطاولون ليل نهار بكلام لا يليق على شرفاء هذا لوطن.. ويتفوهون بألفاظ يندى لها الجبين..لقد سمعت إعلامية كانت تبكي على مبارك وأيامه. تقول عن الرئيس الآن: أنا لا أحترم هذا الرجل!!..وسمعت آخر يقول: (اللي بيتكلموا عن دم الشهدا ما عندهمش دم).. ومن هذا كثير وكثير..

وبعض قوى الوطن – ولا أقول القوى الوطنية- يصفون حساباتهم مع قوى أخرى على حساب مصلحة الوطن .. ويسكبون البنزين على النار ليل نهار .. وأصواتهم عالية في وسائل الإعلام المفتوحة لهم ليل نهار ..

والكثيرون من أقطاب النظام السابق يعملون ليل نهار من تحت ستار على إفساد كل خطوة نخطوها إلى الأمام في بلادنا .. وليس بخاف على أحد أن هؤلاء لا يريدون الخير لهذا البلد.. ولو كانوا يريدون الخير كما يتوهم بعض المخدوعين فلماذا لم يحققوه لهذا البلد طيلة السنوات الطويلة التى قضوها في حكم هذا البلد؟!

أنا لا أتكلم عن حادثة معينة أو موقف معين وإنما أتحدث عن حالة عامة من التشويه المتعمد يقودها المشوِّهون الذين يخادعون هذا الشعب العظيم.. وهم في الحقيقة ما يخدعون إلا أنفسهم وسوف ينقلب عليهم سحرهم وسوف يحصدون الشوك الذي يزرعونه اليوم في طريق الإصلاح لهذا الوطن العظيم.. فالله سبحانه سوف يميز الخبيث من الطيب ويكشف الخبيث بإذن الله.

وبمقارنة بسيطة بين ما يحدث الآن من تشويه من الإعلام وبعض القوى الموجودة في الوطن وما كان يصدر منهم أيام مبارك وعصره نستطيع بكل بساطة أن نفهم ما يحدث.. فلقد كان هؤلاء أنفسهم يسبحون بحمد النظام السابق ليل نهار ومن أراد أن يعرف ذلك فسوف يجد الكثير من مقاطع الحمد والثناء والإعجاب للنظام السابق وأركانه على اليوتيوب.

إن الذين يريد مصلحة الوطن لا يهمه من يحكم الآن ومن يضع الدستور ومن يقود الوطن؟! ولكن الذى يجب أن يهتم به هو كيف نحكم؟ وهل الدستور يحقق لنا من نرجوه من الخير لبلادنا؟!

أسمع أناسا الآن يعلنون رفضهم لمسودة الدستور الجديد ويملئون الدنيا صراخا وعويلا على ضياع الوطن لو أقر هذا الدستور .. وما سمعت واحدا منهم ذكر مادة محددة لا تعجبه وقدم لنا بديلا لها .. فمن الإنصاف أن من يرفض شيئا يحدد بكل وضوح ما الذي يرفضه وما هو البديل.. أما الكلام العام الذي لا تستطيع أن تمسك منه خيطا تسير وراءه فهو كلام للاستهلاك المحلي ولا قيمة له.

إن شعبنا واع يستطيع أن يميز ويقارن.. أما المشوِّهون أخزاهم الله فسينكشف أمرهم عن قريب..وإن غدا لناظره قريب..



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023