لم يكن أحد يتخيل أن من جمعهم بيان الانقلاب على الرئيس محمد مرسي قبل أسبوع سوف «ينقلبون» على بعضهم البعض بهذه السرعة.. لتتحول خارطة الطريق التي وضعوها بديلاً للشرعية الدستورية والشعبية إلى طريق بلا خارطة .. طريق وعر لن يؤدي في النهاية إلا إلى مزيد من التفكك والانهيار لدولة كانت تحاول قبل عامين ونصف أن تخطو أولى خطواتها نحو الديمقراطية والحرية.
فبالرغم من أن أزمة اختيار رئيس للحكومة والتي ترشح لها في أقل من 4 أيام، 4 شخصيات، أحدثت أزمة بين رفقاء الأمس، إلا أن الإعلان الدستوري الذي صدر عن الرئيس المعين من قبل القوات المسلحة، كشف عن حقيقة حاول البعض إنكارها، تلك المتمثلة في أن خيوط اللعبة جميعها في يد واحدة تأمر وتنهي وتمنح وتمنع، حتى إنها أصدرت هذا الإعلان دون أن تستشير شركاء الانقلاب أو حتى تحيطهم علماً بتفاصيله قبل أن تعرضه على الرأي العام.
حركة تمرد، صاحبة الدعوة الأولى لمظاهرات 30 يونيو، والشريك الأساسي في بيان السيسي، رأت من جانبها أن هذا الإعلان ما هو إلا إرساء لـ «ديكتاتورية جديدة» كما أنه يتضمن مواد لإرضاء حزب النور.
أما حزب النور، فقد رأى رئيسه، يونس مخيون، أن الإعلان الدستوري أهمل مواد الهوية والشريعة على الرغم من الاتفاق المسبق بين الحزب والقوات المسلحة على عدم المساس بهذه المواد، إلى جانب رفض مخيون أن تكون اللجنة المنوط بها تعديل الدستور معينة من قبل الرئيس المؤقت وغير منتخبة من الشعب.
أما الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، فقد أعلن رفضه للإعلان الدستوري الذي قال إنه جاء مخالفاً لم تم الاتفاق عليه مع القوات المسلحة، حيث أن مواد الإعلان تأتي في مجملها معارضة لإرادة الأمة.
حركة 6 أبريل أعلنت هي الأخرى اعتراضها على الإعلان الدستوري، فعلى الرغم من أن الحركة الأوسع انتشاراً بين الشباب، لم تشارك في اجتماع خارطة الطريق، إلا أن مشاركتها القوية في مظاهرات 30 يونيو جعلها توافق ضمناً على ما سيتخذه الجيش من إجراءات، ورغم هذا اعتبرت الحركة أن الإعلان الذي صدر دون علم القوى السياسية ومشاورتها أغلق باب الشراكة الوطنية التي كانت نقطة خلاف 6 أبريل مع الرئيس المعزول، وجماعة الإخوان المسلمين.
أما ورقة التوت الأخيرة التي كشفت عورة الإعلان الدستوري، كانت تلك المتمثلة في البيان الذي أصدرته جبهة الإنقاذ في ساعة متأخرة من مساء أمس الثلاثاء، والذي أعلنت فيه رفضها التام لهذا الإعلان مؤكدة أن المسئولين عن صياغة الإعلان تجاهلوا التشاور مع بقية القوى السياسية والشبابية بالمخالفة للوعود السابق قطعها.
وعلى أية حال، فلا أحد يعلم حتى الآن، إلى من وُجهت «صفعة» الإعلان الدستوري، هل وجهها الجيش للتيارات السياسية التي ساندته، حتى تستفيق من وهم إمكانية انفرادها بالسلطة مستقبلاً؟، أم أنها صفعة من تلك القوى حتى يعود من بيدهم مقاليد الأمور الآن إلى رشدهم وينزلوا على إرادة الانقلابيين المدنيين؟، أم أن الصفعة تلقاها كلا الطرفين على يد إرادة شرعية ما تزال تصارع البقاء في وجه فوهة الدبابات؟.