مجموعة من السياسيين العلمانيين أخطأوا فهم الشعب المصري و ثورته في الخامس و العشرين من يناير أو تعمدوا عدم الفهم يقودهم فيما يبدو البرادعي . منظومة فساد حكم العسكر المتعطشة لإعادة التشغيل و إنتاج الفساد المالي و الإداري مرة أخرى الذي كان يدر عليهم أرباحا هائلة . قيادة عسكرية تابعة للولايات المتحدة بطبيعتها و هي نتاج معاهدة كامب ديفيد أثار قلق سادتها النزعة الإستقلالية الواضحة لإدارة الدكتور محمد مرسي و أثار سخطها شخصيا محاولة التدخل في" شئونها الخاصة " من قبل القيادة السياسية الجديدة و شئونها الخاصة هذه تعني ماكينة الفساد الخاصة بالمؤسسة العسكرية و المتمثلة عناصرها في صفقات السلاح التي تضمن عمولات كثيرة لأطراف بعينها مقابل إستمرار إحتكار التسليح المصري لمصادر محددة . كما تتضمن إدارة إقتصاد القوات المسلحة و مواردها و مشاريعها و ممتلكاتها و مؤسساتها الإنتاجية بطريقة يربح منها القادة الكبار أرباحا طائلة . كل هذا سيكون مهددا في حالة وجود رقابة مدنية وطنية منتخبة و هو ما كان يعد به المسار الدستوري الذي كنا نسير فيه و لذا يجب قطعه . إلى جانب مؤسسة شرطية تربت على الفساد و الإستبداد و إهانة المصريين و إنتهاك حقوقهم و فرض إتاوات عليهم في كل خطوة إدارية يتم التعامل خلالها مع الشرطة و جاءت ثورة ال 25 يناير لتكسر كل هذا . أدى هذا إلى تعطش هؤلاء للإنتقام من الشعب الثائر و مثل الإنقلاب العسكري فرصة ذهبية . و أراد النصارى تغيير الهوية الإسلامية لمصر و بما أنهم أقلية لم يصور لهم خيالهم سبيلا آخر . جمع كل الفرقاءهدف إزاحة السلطة القائمة بقوة العسكر ليتمكن من تحقيق رغباته الخاصة .
أرادت النخبة السياسية العلمانية ان تكون واجهة ديموقراطية جديدة أمام العالم و أمام الشعب المصري . هي تعلم أن الحكم العسكري لن يستمر طويلا و يجب أن تستعد للإنتخابات القادمة … أرادوا أن يكونوا رموز المرحلة و المستقبل . لكن الإنقلاب واجه مشكلة غير متوقعة .. التيار الإسلامي الوديع الذي لا يميل للمواجهة- و في القلب منه جماعة الإخوان المسلمون
– قرر المواجهة و لأنه يمثل كتلة تكفي لصنع نواة الثورة القادمة و يمتلك تنظيما فقد إستطاع الإستمرار في الشوارع ما يزيد عن الشهر بمسيرات يومية . و هذه النواة تنمو يوميا و الأعداد كل جمعة لا تستطيع عين أن تكرها و بالتالي فإن إستمرار الوضضع يعني جذب أحرار الشعب المصري و من خدعوا الثورة المصطنعة إلى الميادين و يعجل بتحول نواة الإحتجاج إلى ثورة شاملة تهزم الإنقلاب فعليا .
أراد كل عنصر من عناصر الإنقلاب مواجهة المشكلة بأسلوب يتناسب مع طبيعته و أهدافه . مواجهة الإعتصامات بالقوة تفسد الصورة التي يرغب السياسيون في صنعها لأنفسهم أمام العالم و بالتالي رفضوا فض الإعتصامات بالقوة . العسكريون و الأمنيون الشكل يدركون جيدا ما يعنيه إستمرار الإعتصام بهذا الشكل لذا أرادوا حسمه بالقوة لأنهم يرون أنهم قادرين على فضها و لأن هذا يناسب رغباتهم الإنتقامية و بالتأكيد هم ليس لديهم أي أدوات اخرى يؤمنوا بها . عطل السياسيون فض الإعتصام بالقوة حتى الان و هذا ما يفسر هجوم إعلام العسكر المفاجيءعلى البرادعي الذي لا يريد أن تحرقه إراقة الدماء بعد ان صار سلطة الإنقلاب . كما ان هؤلاء كان يجب أن يعلموا أن العسكر لا يتركون منافسا لهم في مجال السلطة خصوصا لو كان مدنيا. لقد كان الإنقلاب مفخخا منذ البداية بعدة قنابل تكشفها المواجهة كل يوم خاصة بعدما قرر مجلس وزراء الإنقالبيين فض الإعتصام بالقوة بعد يوم واحد من تأكيد البرادعي مع أشتون أن الأولوية لوقف العنف . بدأ سحب الجيش من الشوارع و تفويض الشرطة .. الإنقلابيون يريدون تحميلها الفاتورة كالمعتاد .
الصمود في الميادين أصبح طريق النصر الوحيد لن يستطيعوا فض الميادين بدون ثمن باهظ كفيل بإشعال البلاد كلها لذا أعتقد أن ما يمارس هو حرب نفسية أو بالون إختبار لرد الفعل تجاه فض فعلي للميادين و بالتالي لن يحدث ذلك غدا أو بعد غد . إستمرار المواجهة يفجر القنابل يوميا و بالتالي فهو كفيل بنسف الإنقلاب من الداخل و يجب ان يعلم الإنقلابيون أن كل عنف يمارس يرفع سقف أهداف الثورة فدماؤنا ليست رخيصة أبدا . التردد الدولي الحالي لن يصمد أمام حركة غبية من قبيل قتل الآلاف من اجل إبعادهم عن الميادين و لن يلبث أن يتحول إلى تخلي تام عن الإنقلاب و تعريته تماما . لقد جعل الرفض الشعبي للإنقلاب ظهور قادته للحائط لذا فهم يوشكون على خنق أنفسهم