فى الصقيع القارس وتحت حرارة الشمس الحارقة، خرجت فعاليات الثائرين والغاضبين فى أرجاء الوطن، تهتف رابعة الصمود وتعلن للجميع الثبات والصمود واستمرار المقاومة السلمية حتى دحر الانقلاب العسكرى الدموى وتمكين الشرعية الدستورية، واسترداد ثورة 25 يناير والقصاص لجميع الشهداء، فبدت مصر وكأنها تتنفس ثورة.
لقد باتت الثورة بلا شك أوكسجين المواطن المصرى الواعى، الذى كشفت أمامه "التسريبات" والفشل الحكومى الذريع والاعتراف الأخير بالانهيار الاقتصادى والإجراءات القمعية، أن مبارك والذين فسدوا معه يدعمون السيسى والذين خانوا معه كى يخطفوا الوطن ويجمدوا ثورة 25 يناير.
إن تمدد الغضب، واستمرار مواكب الشهداء، وصمود المعتقلين، وأخطاء الانقلابيين المتتالية والصادمة لثورة 25 يناير وآخرها وثيقة الدم التى يريدها أن تكون دستوره، ودعوة التحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب لرفع الاستعداد الثورى، والتأهب لأمر جلل يحتاجه الوطن، وفق معطياته وتطلعاته فى ضوء الفعل الثورى المتصاعد، يؤكد أن اسقاط الانقلاب مسألة وقت.
والمسألة الآن ليست "متى"، التى تحير كثيرا من القطاعات الغاضبة، فالسيسى والذين خانوا معه، فتحوا -بفضل الله- كتاب الانقلابات من الفصل الأخير والصفحة الأخيرة، وفى غير زمانه، وفى ظل إحساس شعبى واسع بعدم اكتمال ثورة 25 يناير، واستعداد الملايين لاستكمالها عبر ثبات فى الميادين وتضحيات جسام لا يقوى عليها إلا الأبطال الأحرار، وليعلمن الظالم نبأ ذلك ولو بعد حين.
يجب أن ينضج الغضب كما ينضج الطعام، فلا يطلب أحد النصر قبل أن يستوفى أركانه حتى لا نعيد 11 فبراير 2011 ونفاجأ بنصف ثورة مجددا، وراجعوا التاريخ: لم يدم انقلاب عسكرى مهما طال، ولم يفلت انقلابى من العقاب الثورى، ويكفى المصريون عامين من العدالة المبصرة التى تحتاج لعلاج قضائى كى تعود عمياء!
إن المشهد الحالى يموج بتحركات قطاعات قريبة الصلة بالانقلابيين، للبحث عن مستقبل لها بعيدا عن الملاحقين قضائيا ودوليا فى جرائم إبادة بشرية، ودخول مناهضين جدد للانقلاب للصورة الثورية ولكن بذيول سياسية ما زالت -للأسف- تفسد إخلاصهم لثورة 25 يناير، فضلا عن أن مؤيدى الشرعية ورافضى الانقلاب، القاعدة الصلبة التى قامت عليها موجة الاستكمال الكامل لثورة 25 يناير، تحت عنوان "الشرعية والكرامة" يرسمون خارطة طريق عن المستقبل القريب بثبات ووعى وبذل عظيم.
وقد يحاول البعض الغادر ركوب قطار الثورة فى هذه اللحظات الأخيرة، ليحيد بها عن مسارها، الذى انطلق فى 28 يونيو 2013 استكمالا لثورة 25 يناير التى توقفت غدرا فى 11 فبراير 2011، وهو ما يحتاج من كل الثوار والثائرات، اليقظة والحذر، والوضوح، فقوى الاستكبار العالمى لن تسلم بعد إسقاط صنيعتها وبقايا كنزها الاستراتيجى.
إن التمسك بالمسار الثورى، سيقى البلاد والعباد، من شرور الغدر مجددا، والجدل السياسى الفارغ المغموس فى الحزبية، ويمكن الشرفاء من كل الاتجاهات من تمكين الثورة، فى مؤسسات الدولة، وإقرار استقلال القرار الوطنى وتجميد كل صور التبعية والاستغلال الأجنبى، للنهوض بالوطن والشعب واستكمال تمكين أهداف ومطالب ثورة 25 يناير.
فلنتنفس ثورة ولتكن سياستنا ثورة، وليكن كل مواطن ثورة تمشى على الأرض، تنطق بالثورة وتدافع عن الثورة، ويجب ألا يعلو صوت فوق صوت الثورة، ومطالبها، وخارطتها، حتى يسعد الشعب ويفرح ذوو الدم بقصاص يريح الجميع خاصة من قتل، وتذكروا: إما ثورة كاملة وإما ثورة كاملة لا خيار ولا تراجع قيد أنملة، فاللهم بلغنا نصر ثورة 25 يناير.
______________________
منسق حركة صحفيون من أجل الإصلاح *