شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الصحافة في مصر.. الحرية المقتولة حينًا والمكبلة حينًا آخر

الصحافة في مصر.. الحرية المقتولة حينًا والمكبلة حينًا آخر
"هذا مايحدث عندما يسكت الصحفيين"؛ جملة واحدة كانت تذيل صفحة بيضاء بالصفحة الأخيرة في عدد بجريدة "نيويورك تايمز"،...
"هذا مايحدث عندما يسكت الصحفيين"؛ جملة واحدة كانت تذيل صفحة بيضاء بالصفحة الأخيرة في عدد بجريدة "نيويورك تايمز"، احتجاجاً على أحكام قضائية مصرية بحق صحفيي القنوات التلفزيونية والمواقع الإخبارية بمصر.
 
الصحافة هي صناعة الصحفي، والصحافيون هم القوم الذين ينتسبون إليها، ويعملون بها، وهي السلطة الرابعة، وهي المهنة التي تقوم على جمع وتحليل الأخبار والتحقق من مصداقيتها وتقديمها للجمهور. تكون هذه الأخبار متعلقة بمستجدات الأحداث على الساحة السياسية أو المحلية أوالثقافية أو الرياضية أو الاجتماعية وغيرها.
 
أما عن مصطلح "السلطة الرابعة"، فقد أطلق على مهنة الصحافة لمقارنتها بسائل الإعلام عمومًا بفروع "مونتيسيكيو" الثلاثة للحكومة وهي: التشريعية والتنفيذية والقضائية، وقد قال "إدموند بروك" بهذا الصدد: "ثلاث سلطات تجتمع هنا تحت سقف في البرلمان، ولكن هناك في قاعة المراسلين تجلس السلطة الرابعة وهي أهم منكم جميعا". 
 
لقد كان تطور الإعلام الغربي موازيًا لتطور الليبرالية في أوروبا والولايات المتحدة، وقد كتب "فرد. س. سايبرت" في مقالة بعنوان النظرية الليبرالية لحرية الصحافة: "لفهم المبادئ التي تحكم الصحافة في ظل الحكومات الديمقراطية، ينبغي للمرء أن يفهم فلسفة الليبرالية الأساسية والتي تطورت طوال الفترة بين القرن السابع عشر والقرن التاسع عشر"، إذ لم تكن حرية التعبير حقًا تمنحه الدولة، بل هي حقٌ يتمتع به الفرد وفق القانون الطبيعي، ولذا كانت حرية الصحافة جزء لا يتجزء من الحقوق الفردية للإنسان التي تدعمها الأيديولوجيا الليبرالية، فالفكرة الليبرالية للحرية تتمثل في الحرية السلبية أو بمعنى آخر "الخلاص من الاضطهاد وحرية الفرد في التطور من دون معوقات"، وهو ما يعتبر مضادًا لبعض الفلسفات مثل الفلسفة الاشتراكية للصحافة.
 
حرية الصحافة بالنسبة للعديد من البلدان تعني، ضمنًا، بأن من حق جميع الأفراد التعبير عن أنفسهم كتابة أو بأي شكل آخر من أشكال التعبير عن الرأي الشخصي أو الإبداع، كما وينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن "لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير، ويتضمن هذا الحق حرية تبني الآراء من دون أي تدخل والبحث عن وتسلم معلومات أو أفكار مهمة عن طريق أي وسيلة إعلامية بغض النظر عن أية حدود".
 
و إلى جانب هذه المعايير القانونية، تستخدم بعض المنظمات غير الحكومية معايير أخرى للحكم على مدى حرية الصحافة في مناطق العالم؛ فمنظمة "صحفيون بلا حدود" تأخذ بعين الاعتبار عدد الصحفيين القتلى أو المبعدين أو المهددين ووجود احتكار الدولة للتلفزيون والراديو إلى جانب وجود الرقابة والرقابة الذاتية في وسائل الإعلام والاستقلال العام لوسائل الإعلام، وكذلك الصعوبات التي قد يواجهها المراسل الأجنبي. 
 
من جانبها فإن منظمة "بيت الحرية -Freedom House" تعمل على دراسة البيئة السياسية والاقتصادية الأكثر عمومية لكل بلد؛ لغرض تحديد "وجود علاقات إتكالية تحد عند التطبيق من مستوى حرية الصحافة الموجودة نظريًا من عدمه"، لذا فإن مفهوم استقلال الصحافة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمفهوم حرية الصحافة، حسب معايير المنظمة لحرية الصحافة.
 
وتقوم منظمة "مراسلون بلا حدود" كل عام بنشر تقريرها الذي تصنف فيه بلدان العالم وفق شروط حرية الصحافة،ويستند التقرير على نتائج الاستبيانات المرسلة إلى الصحفيين الأعضاء في منظمات مماثلة لـ"مراسلون بلا حدود"، بالإضافة إلى بحوث الباحثين المختصين والقانونيين والنشطاء في مجال حقوق الإنسان، حيث يتضمن الاستبيان أسئلة حول الهجمات المباشرة على الصحفيين ووسائل الإعلام، بالإضافة إلى مصادر الضغط الأخرى على حرية الصحافة مثل الضغط على الصحفيين من قبل جماعات غير حكومية. 
 
وتولي "مراسلون بلا حدود" عناية فائقة بأن يتضمن تقرير التصنيف أو "دليل حرية الصحافة" الحرية الصحفية وأن يبتعد عن تقييم عمل الصحافة، ففي عام 2003 كانت الدول التي تتمتع بصحافة حرة تمامًا هي فنلندا، آيسلندا، هولندا، النرويج.
 
وخلال هذا العام ذكرت منظمة "فريدوم هاوس"، في تقريرٍ لها عن حرية الصحافة في العام الماضي، قالت فيه، إن "حرية الصحافة في العالم تراجعت إلى أدنى مستوياتها في 2013، وصنفت 197 دولة حول العالم ما بين "حرة" و"حرة جزئيًّا" و"غير حرة"".
 
وتراجعت 10 دول في ترتيب 2013 عن تصنيفها في عام 2012، وكان أبرز تراجع من رصيد مصر التي تراجعت 15 مركزًا، وإن لم يؤثر ذلك على تصنيفها كـ"دولة غير حرة"، فيما كان التراجع الأكثر تأثيرًا من نصيب ليبيا التي تراجعت 6 مراكز نقلتها من تصنيف الدول "الحرة جزئيًّا" إلى تصنيف الدول "غير الحرة".
 
وفيما يلي عرض للمقارنة بين مراكز الدول العربية في التصنيفين، حيث تراجعت تونس 3 مراكز لتحتل المركز 112 في 2013، بعد أن كانت تحتل المركز 109 في 2012، أما عن مصر فقد تراجعت 15 مركزًا لتحتل المركز الـ155 في 2013 بعد أن كانت تحتل المركز الـ140 في 2012، وفي لبنان لم يتغير موقفها في التصنيفين، واحتلت فيهما المركز الـ112، أما الجزائر فقد تقدمت 7 مراكز لتحتل المركز 127 وتدخل قائمة الدول "الحرة جزئيًّا" في 2013 بعد أن كانت تحتل المركز 134 في 2012.
 
ومؤخراً حذرت العديد من المؤسسات ولجان الدفاع عن حرية الصحافة من تطور الأوضاع في مصر، وتراجع حرية الصحافة والإعلام، خاصة بعد عشرات الأحكام بحق صحفيي بعض القنوات التلفزيونية والمواقع الإخبارية ومنها "الجزيرة" و"رصد"، فقد أعرب مركز "حماية وحرية الصحفيين" في العاصمة الأمريكية واشنطن؛ عن صدمته إزاء قرار محكمة الجنايات في مصر والقاضي بالسجن من 7 إلى 10 سنوات على الصحفيين العاملين في قناة الجزيرة الإنجليزية.
 
ووصف المركز، فى بيان له بحسب "الجزيرة مباشر مصر"، الحكم بـ"مخيبٌ للآمال، ويهدد حرية الإعلام في مصر"،  مضيفًا: "إن الاتهامات التي وجهت للصحفيين تتعارض مع المعايير الدولية لحرية الإعلام"، مبيناً أنها تخل بمعايير المحاكمة العادلة. 
 
وأعلنت حركة "صحفيون من أجل الإصلاح" رفضها للحكم الجائر الصادر ضد إعلاميين بشبكة الجزيرة الفضائية اليوم، مضيفة أن الحكم "يؤكد استمرار القمع ضد فرسان الحقيقة"، وذلك حسب بيانها.
 
 وجددت الحركة في البيان الصادر عنها، مطالبها "بتعليق كافة الإجراءات غير القانونية أو الدستورية التي اتخذت بحق الصحفيين منذ 3 يوليو 2013، وفتح تحقيق قضائي في قضايا قتل 10 صحفيين وإعلاميين"، كانو قد قتلوا بأيدي قوات أمن الانقلاب.
 
 وقالت الحركة: "تواصل عصابة الانقلاب، وأذرعاها القمعية، عقاب الصحفيين والإعلاميين بكل قسوة وعنصرية، رغم أن الصحافة ليست جريمة، ورغم أن كل القضايا المفبركة التي أحيل بها العشرات من رموز المهنة والعمل النقابي إلى المعتقلات والمحاكمات تتناقض مع حرية الصحافة ورسالتها، وتعبر عن انتكاسة كبرى تضع مصر في مصاف جمهوريات الموز".
 
وحملت الحركة "عبد الفتاح السيسي مسؤولية كافة الجرائم التي ارتكبت ولازالت ضد الصحفيين والإعلاميين في مصر منذ قيامه بالانقلاب العسكري وصولاً إلى تصدره مشهد إدارة الانقلاب من قصر الاتحادية، والذي شهد، في مفارقة فاضخة، قبل أيام جريمة مماثلة على بعد أمتار من قصره ضد الصحفيين عقب فض مسيرة رافضة للانقلاب وقانون التظاهر".
 
ودعت الحركة إلى اجتماع نقابي عاجل مع كيانات العمل النقابي لمناقشة أبعاد الهجمة و"اتخاذ مواقف تنقذ النقابة من توابع الموت السريري لمجلس النقابة المتحالف مع حكم العسكر الفاشي"، مؤكدة أنه "ما ضاع حق وراءه مطالب ولن يسمح فرسان الصحفيين بتمرير مثل تلك الجرائم النكراء بحق زملائهم"، وذلك حسب نص البيان.
 
 
 
 
 
 


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023