شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الحشاشون الجدد – خالد فؤاد

الحشاشون الجدد – خالد فؤاد
لا يكاد يبرح عن ذهني مشهد جنود الأمن المركزي، وهم يخطون بالخطوة العسكرية في صفوف منتظمة، داخل الحرم...

لا يكاد يبرح عن ذهني مشهد جنود الأمن المركزي، وهم يخطون بالخطوة العسكرية في صفوف منتظمة، داخل الحرم الجامعي، في مشهد يوحي باستعدادهم الكامل للدخول في معركتهم المقدسة لتحرير الوطن، مدججين بسلاح يفوق تسليح المجندين المرابطين على حدود الوطن، تحسبًا لأي تهديد حقيقي.

 

لا أدري من الذي خدر هؤلاء الجنود، حتى صور لهم خيالهم أنهم في ساحة معركة، يهتفون فيها بالأغاني الوطنية؛ لإلهاب مشاعر الحماسة في نفوسهم، وإلقاء الرعب في نفوس الأعداء!!.

 

لم يدرِ هؤلاء المخدّرون أن دبيب خطواتهم لا يسمعها أعداء الوطن الحقيقيون، الصهاينة المتربصون على حدود سيناء الجريحة.

 

لم يدر هؤلاء المخدّرون أن اصواتهم المرتفعة لا يسمعها سوى شباب وفتيات الجامعة، أولئك المنوط بهم أن يحققوا أحلام مستقبل هذا الوطن.

 

المشهد لا يعبر إلا عن كوميديا سوداء حقيقية، نعيش تفاصيلها بشكل يومي، منذ أن تدحرج السيسي إلى كرسي حكم المحروسة.

 

في أوائل القرن الخامس الهجري ظهرت فرقة أطلق عليها المؤرخون فيما بعد (الحشّاشين)، عرفت هذه الفرقة بقدرتها الفائقة على اغتيال خصومها السياسيين، مستخدمه في ذلك جنودها على أن يكون جزائهم الدخول إلى جنة مصطنعة على قمم الجبال، بعد تخديرهم بالحشيش حتى يشبعوا شهواتهم وكأنهم في الجنة الموعودة.

 

المشهد يكرر نفسه مرة أخرى، السيسي ومن حوله يقومون بتخدير عقول هؤلاء الجنود، بحفنة من الشعارات الرنانة الزائفة، ومجموعه من الأكاذيب المحبوكة، حتى يصل هؤلاء إلى حاله من الشحن المعنوي التي تمكنهم و بكل سهوله ويسر، من توجيه بنادقهم إلى صدور الشباب الثائر، والضغط على الزناد، ومن ثم الاغتيال بكل أريحية.

 

حالة التخدير لا تقتصر فقط على الجنود، ولكنها تمتد حتى تصل إلى جزء كبير من الشعب، ولكن التخدير هنا بالوكالة عن طريق الأبواق الإعلامية، التي دأبت على صناعة الكذب وتخدير العقول، حتى تصل بالمشاهد إلى استساغة، بل تصل أحيانا إلى الاستمتاع بمشهد الشباب المعارض الغارق في دمائه، داخل أسوار الجامعة.

 

نحن إذًا أمام حشاشين ولكن من نوع آخر، هؤلاء الحشاشون يبدو مظهرهم وطريقة حديثهم مختلفة إلى حد كبير؛ فهم يظهرون أمام الكاميرات والابتسامة تعلو وجوههم، يرتدون البزات الأنيقة، يحاولون بارتدائها إخفاء بقع دماء ضحاياهم المتناثرة على أجسادهم الرطبة، والمسفوحة بأيديهم مع كثير من العطور ذات الرائحة النفاذة؛ لإخفاء رائحة الجثث التي حرقوها، والتي ما برحت تفارق أجسادهم، تخرج من أفواههم كلمات عن العدل والإنسانية بإسهاب وانسيابية، في الوقت الذي تنطلق فيه زخات الرصاص الحي من فوهات بنادقهم، صوب شعب المعارضين لسياستهم.

 

سباق محموم ينطلق فيه عسكر السيسي، وإعلامييه لقتل واعتقال خصومه السياسينن، لعلهم يصلوا إلى الجنة الموعودة، ولكن يبقى السؤال أي جنة تلك التي يعدهم بها السيسي، حتى يتنازل الإنسان عن أعز ما يملك من عقل، وإلى الحد الذي تنحدر فيه إنسانيته إلى هذا القاع السحيق.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023