تناول تقرير لمعهد الأرض بولاية كنساس الأمريكية قام به العالم والباحث ستان كوكس ركز حول العيوب المتعددة للبرنامج الأمن الغذائي الذي ترعاه الحكومة المصرية، والذي يرى من وجهة نظره أن ملئ بالعيوب والمشكلات وأنه هذه المشكلات ربما تقف عائقًا أمام عملية التحول الديمقراطي السريع الذي ينشده المصريين.
وأشار التقرير أنه في أثناء الثورة المصرية وما بعدها كانت أكثر الشعارات تداولاً هي "عيش حرية كرامة إنسانية"، ولم تكن وقتها مجرد شعارًا فحسب، ولكن بحسب تقرير صدر مؤخرًا عن الأمم المتحدة جاء فيه أن القضايا الاقتصادية كانت في المرتبة الثانية (بعد الأسباب السياسية) في قائمة الأسباب التي أدت إلى اشتعال الثورات العربية، مشيرة إلى أن هذه القضية لا تزال تمثل صراعًا يهدد مستقبل مصر وإن لم يتم حلها بشكل صحيح سيؤدي ذلك إلى تأخر عملية التحول الديمقراطي.
وأضاف الباحث الأمريكي: "أن المصريون يستهلكون أكثر من رغيف خبز للفرد في الوجبة الواحدة يوميًّا على عكس ما يحدث في دول آخرى فـ" الرغيف لدى المصريين يعني الحياة".
وصف التقرير نصيب الفرد المصري غذائيًّا بالمقارنة بالدول الأخرى "بالمحدود" وأرجع ذلك لمحدودية الأراضي الزراعية؛ ولذلك لم يكن للمزارعين في مصر خيار سوى استخدام كميات كبيرة جدًّا من الأسمدة الصناعية من أجل الحفاظ على المحاصيل الزراعية؛ وهو الأمر الذي يجعل الحبوب مثل القمح أكثر تكلفة للإنتاج .
ويلفت أن معظم هؤلاء المزارعين ليست لديهم السيولة الكافية، مما يجعل الحكومة مضطرة للتدخل لتعطي لهم أسعار مدعمة للحبوب وذلك من أجل الحفاظ على الاقتصاد الزراعي في مصر.
ومؤخرًا أوصى تقرير للأمم المتحدة باتخاذ مجموعة واسعة من الإجراءات من أجل استدامة الزراعة في دول الربيع العربي بما في ذلك الاستثمار في المحاصيل المقاومة للجفاف والمحافظة على المياة، وكذلك استخدام النفايات الزراعية وتركيز الاستثمار فى المزارع الصغيرة وتنويع المحاصيل وتخفيض "تلوث المياة من الأسمدة والكيماويات الزراعية" وبالفعل جاري تنفيذ بعض هذه الإجراءات بدرجات متفاوتة في مصر.
وألقى وزير التضامن الاجتماعي جودة عبد الخالق مؤخرًا بيانًا أمام مجلس الشعب أوضح فيه أن هناك فقدانًا متزايدًا للتربة الجيدة في مصر ولكن أعضاء البرلمان توجهوا إليه بالكثير من الشكاوى حول نظام توزيع الخبز والوقود خاصة في المناطق التي يعيش بها محدودي الدخل.
وقام عبد الخالق بتقديم اقتراح لتوزيع الخبز من شأنه أن يقضي على فرص الغش والتلاعب؛ حيث ستقوم الحكومة بشراء القمح من المزارعين المصريين بسعر أعلى من سعر السوق بنسبة 19% وأنه سيتم بيع القمح للمطاحن في السوق المفتوحة وليس بسعر مدعوم للغاية كما يحدث حاليًّا؛ مما سيؤدي إلى بيع الدقيق للمخابز بسعر السوق كاملاً كل صباح وكذلك توفر المخابز لتجار تجزئة الخبز بسعر السوق.
وبهذا يقوم التاجر ببيع الخبز للجمهور بسعر أعلى ولكن على الحكومة تعويض هذا الفارق.
وختم الباحث الأمريكي ستان كوكس تقريره بأن على المصريين الذين تمكنوا من انتزاع السلطة الاقتصادية والسياسية من القلة الذين تولوا مهامها خلال الفترة الطويلة الماضية؛ سيكون لديهم فرصة لحماية الأراضي الزراعية وضمان إمدادات الغذاء الجيد للجميع وإلى أن يحدث هذا سيبقى النضال من أجل تحقيق الأمن الغذائي على طول نهر النيل يومًا بعد يوم.