شهد سعر صرف الدولار بالسوق السوداء وشركات الصرافة بمصر، ارتفاعًا مفاجئًا لنحو 9 جنيهات، وذلك لأول مرة مع تفاقم نقص العملة الصعبة وتراجع إيرادات السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، الأمر الذي أدى إلى زيادة الإقبال عليه من قبل المتعاملين.
أكدت عدة شركات الصرافة -لـ”رصد”- عدم توافر الدولار لديهم مقابل زيادة الإقبال من الأفراد، مشيرين إلى أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدًا من الإقبال، خاصة بعد تصريحات الحكومة الأخيرة برفع سعر الدولار بالسوق الرسمية، خلال موازنة العام الجديد 2016-2017، الأمر الذي سيدفع سعر الدولار بالسوق السوداء لتخطي حاجز الـ9.5 جنيه بالنصف الثاني من 2016.
رفع البنك المركزي، أمس الإثنين، الحد الأقصى للإيداعات الدولارية إلى مليون دولار شهريًا ودون حد أقصى للإيداع يوميًا، ولكن بشروط؛ تتضمن تناسب حجم الإيداعات مع طلبات الاستيراد المقدمة على قوة معاملات التصدير طرف البنك.
واشترط ورود حصيلة التصدير بالعملة الأجنبية بحد أدنى مساوٍ لقيمة الإيداعات التي تمت في حسابات الشركة المصدرة خلال مهلة حدها الأقصى 3 أشهر، ولا يشترط التنازل عن حصيلة التصدير الواردة للشركة.
وأضاف المركزي، في حالة عدم ورود حصيلة التصدير للبنك خلال فترة الثلاثة أشهر، وبعد متابعة العميل بصفة دورية في هذا الشأن دون جدوى، يتعين إبلاغ البنك المركزي باسم العميل ومجموعته بمفهوم العميل الواحد والأطراف المرتبطة به الصادرة في هذا الشأن ليتم التعميم على الجهاز المصرفي لإدراج العميل ضمن قوائم الإخفاق وذلك لعدم تنفيذ إيداعات نقدية مماثلة للعميل والمجموعة مستقبلًا؛ حيث يتعين على كل بنك الالتزام بضرورة توفير آلية واضحة يتم من خلالها متابعة تنفيذ هذا التعليمات.
يذكر أن البنك المركزي قام بالإيام الماضية برفع الحد الأقصى للإيداع النقدي بالعملات الأجنبية إلى 250 ألف دولار شهريًا من 50 ألفًا ودون حد أقصى للإيداع اليومي؛ وذلك لتغطية واردات بعض السلع والمنتجات الأساسية، الأمر الذي إنتقده مصرفيون، قائلين: “سقف الإيداع أحد أسباب ارتفاع العملة بجانب خفض حد السيولة للمسافرين إلى الخارج، لذا لا بد من تحرك جوهري من قبل المركزي قبل زيادة السعر على ذلك”.
وتم الإعلان، في وقت سابق من الشهر الجاري، أن مصر تضع ميزانية السنة المالية المقبلة 2016-2017 على أساس سعر 8.25 جنيه للدولار مقارنة مع 7.75 جنيه في السنة المالية الحالية؛ حيث يعني سعر الصرف المقترح في الموازنة الجديدة أن الحكومة ستتجه بشكل مباشر نحو تخفيض سعر الصرف الرسمي للعملة عن مستواه الحالي عند 7.7301 جنيه للدولار، في خطوة قد تجذب لها الاستثمارات الأجنبية التي هربت بعد ثورة يناير 2011، من قطاعات اقتصادية كثيرة باستثناء القطاع النفطي.
وقال مسؤولون إن شح تدفقات العملة الصعبة من السياحة والاستثمارات الأجنبية أحد أسباب نقص العملة الصعبة بجانب الخفض المتوقع للجنيه الذي ساعد على تسريع وتيرة الارتفاع في السوق الموازية، مؤكدين أن مصر تمر بمصاعب اقتصادية كبيرة.
وهوت احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي من 36 مليار دولار في 2011، إلى نحو 16.477 مليار دولار في نهاية يناير، مما يجعل من الصعب على البنك المركزي حماية قيمة الجنيه المصري.
وتقاوم مصر بشدة ضغوطًا لخفض قيمة الجنيه وتعمل على ترشيد مبيعات الدولار عن طريق عطاءات أسبوعية لبيع العملة إلى البنوك مما يبقي الجنيه عند مستوى قوي بشكل مصطنع.
وبلغ إجمالي واردات مصر في 2015 نحو 80 مليار دولار وهو ما يمثل عبئًا كبيرًا على البنك المركزي لتوفير الدولار اللازم لتمويل عمليات الاستيراد وسط شح الموارد الدولارية.