يأتي إحياء يوم الأسير الفلسطيني، في 17 إبريل من كل عام، ليشهد من جديد على جرائم الاحتلال “الإسرائيلي”، وتجاهل المؤسسات الدولية وسلبية العالم العالم العربي تجاه هذه القضية وتقاعسه عن تقديم الدعم الحقيقي لهؤلاء الأسرى وبذل الجهد الفعال في هذا السياق سواءً بضغط مباشر على “اسرائيل” أو دعم لأسر الأسرى سواءً ماليًا أو حقوقيًا كما جاء في العديد من المؤتمرات التي عقدتها جامعة الدول العربية بهذا الصدد.
استنكر عدد من الخبراء والمراقبين هذا التخاذل، مطالبين بمزيد من الدعم والضغط على المجتمع الدولي ليهتم بهذه القضية ويبذل جهودًا أكبر لوقف الممارسات الصهيونية سواءً بالتعامل السيئ مع الأسري داخل السجون أو استمرار الاعتقال الإداري، فضلًا عن وجود العديد من الأطفال والنساء ضمن هؤلاء الأسرى.
تعتقل سلطات الاحتلال الإسرائيلي حاليًا نحو 7000 أسير وأكثر من 700 معتقل إداري دون محاكمة ونحو 480 طفل، بالإضافة إلى 68 أسيرة و6 نواب، موزعين حاليًا على نحو 25 سجنًا ومعتقلًا ومركز توقيف دون محاكمات عادلة ويعانون من الممارسات اللاإنسانية المتواصلة كالقتل العمد بعد الاعتقال والتعذيب والاعتقال الإداري لفترات طويلة دون محاكمة والحبس الانفرادي، ويعاني ما يقارب من 1700 أسير من أمراض مختلفة تعود أسبابها لظروف الاحتجاز الصعبة والمعاملة السيئة وسوء التغذية والإهمال الصحي وعدم تقديم العلاج المناسب وما يلاقونه من انتهاكات على المستوى المعيشي والإنساني التي تزيد من تفاقم الأمراض عندهم، بالإضافة إلى جثامين الشهداء الذين تحتجزهم “اسرائيل” في مقابر سرية.
وتستمر سلطات الاحتلال الإسرائيلي في التنصل من تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وانتهاكها للقانون الدولي وتشريع قوانين التعذيب بحق الأسرى والمعتقلين وبأساليب محرمة دوليًا تتنافى مع المواثيق الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان لن يؤدي إلى تحقيق الاستقرار والسلام المنشودين في المنطقة، فإسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي شرعت التعذيب؛ حيث إن الإجراءات الإسرائيلية بحق الأسرى تتطلب وقفة دولية جادة، وفي هذا الصدد فإن جامعة الدول العربية تدعو لتفعيل الملف دوليًا واستخدام كل الوسائل الممكنة والمشروعة لدعم الأسرى ومساندتهم لوضع حد لمعاناتهم المتفاقمة وإطلاق سراحهم وملاحقة الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية أمام جهات الاختصاص الدولية.
يأتي إحياء اليوم العربي للأسير الفلسطيني تنفيذًا لقرار قمة دمشق عام 2008 بإحيائه في هذا التاريخ من كل عام، في الوقت الذي يتعرض فيه الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ لحظة اعتقالهم للتعذيب والتنكيل والاذلال والعنف الشديد والضغط النفسي الهائل؛ إذ تمارس إسرائيل “القوة القائمة بالاحتلال” ضدهم عمليات قمع وحشية ضاربة بعرض الحائط بالمواثيق والمعاهدات الدولية ومعايير حقوق الإنسان والالتزامات المتعلقة بها على النحو المحدد في ميثاق الأمم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية جنيف المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب واتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب، في استهداف واضح للأرض استيطاناً وتهويدا، وللإنسان أسرًا وتهجيرًا تشريدًا ومعاناة مستمرة في ظل الاحتلال.
من جانبها، أصدرت جامعة الدول العربية بيانًا بهذه المناسبة جاء فيه: “ستظل قضية الأسرى والمعتقلين العرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي في طليعة القضايا التي تتصدر اهتمامات جامعة الدول العربية؛ حيث لا تدخر الجامعة جهدًا في سبيل إبراز تلك القضية في جميع المحافل الدولية والإقليمية حتى يتم إطلاق سراح كل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب، وتهيب جامعة الدول العربية بالمجتمع الدولي وكل المنظمات والهيئات الدولية المعنية بالضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإطلاق سراح كل الأسرى والمعتقلين وإلزامها بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وتطالب سلطات الاحتلال بتحمل المسئولية الكاملة عن حياة جميع الأسرى وخاصة المرضى منهم المحتجزين في ظروف صعبة ولاإنسانية وتمارس ضدهم سياسة الاهمال الطبي المتعمد.
وأضاف البيان “وإذ تحيي جامعة الدول العربية، بفخر واعتزاز، صمود الأسرى وتؤكد على دعمها لهم حتى ينالوا حريتهم، وتعيد التأكيد على أن الاستقرار لن يتحقق في المنطقة إلا بتحقيق السلام العادل والشامل المتمثل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقًا لمقررات الشرعية الدولية التي كفلتها كل المواثيق الدولية”.
يقول عبدالناصر فروانة، رئيس وحدة التوثيق بوزارة شؤون الأسرى الفلسطينية ومؤلف كتاب “الأسرى الفلسطينيون آلام وآمال”، والأسير السابق -في تصريحات خاصة لـ”رصد”-: إن هناك نحو 1500 أسير يعانون من أمراض مزمنة داخل سجون الاحتلال، مشيرًا إلى أن إجمالي عدد الأسرى بلغ 800 ألف أسير منذ احتلال 1967 وحتى الآن وهم بهذا العدد يشكلون 20%من سكان فلسطين بالأراضي المحتلة وهذا يدل على أنها قضية كل الفلسطينيين فلا توجد أسرة بلا أسير وهذه القضية مرتبطة بالاحتلال ولن تنتهي إلا بانتهائه.
وأشار إلى أنه رغم الجهود المبذولة فلسطينيًا وعربيًا ودوليًا، إلا أنه يجب أن يتضاعف هذا الجهد والضغط على الاحتلال حتى يتم الإفراج عن كل الأسرى أو تحسين أوضاعهم بسجون الاحتلال.
وحول الدعم العربي، أضاف فروانة “هناك اهتمام في الفترة الأخيرة من جامعة الدول وإن كان بدأ هذا الاهتمام منذ فترة مبكرة من خلال قمم عربية وعقد مؤتمر بغداد في 2012، ولكنه ليس على المستوى المطلوب؛ خاصة أنه كان قد أنشئ صندوق لدعم الأسرى وتم ضخ مليوني دولار من الحكومة العراقية في الصندوق ولكن هناك حاجة لمزيد من المبالغ؛ خاصة أن هناك متطلبات مالية كبيرة للأسرى وأسرهم”، مطالبًا بدور مصري أكثر فاعلية؛ خاصة أن مصر يمكنها الضغط على إسرائيل وتنفيذ الصفقات في هذا الشان كما حدث من قبل.
وطالب الدكتور أحمد بحر، النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، في تصريحات صحفية البرلمان العربي المنعقد في القاهرة، اليوم، بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني باتخاذ قرارات حاسمة لنصرة الأسرى في سجون الاحتلال.
وأكد بحر، خلال جلسة عقدها المجلس بمقر وزارة الأسرى بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني، أن كل الجهود التي تبذل في الدفاع عن قضية الأسرى على المستوى السياسي والبرلماني والقانوني والشعبي ليست البديل عن العمل العسكري المقاوم.
ولفت بحر إلى أن الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة فكل القرارات والقوانين الدولية والإنسانية والإدانات الرسمية ضد الاحتلال لم يعر لها انتباهًا بل يلقي بها بعرض الحائط، وطالب المقاومة وعلى رأسها كتائب الشهيد عز الدين القسام الإسراع في إنفاذ صفقة وفاء “2” لإجبار الاحتلال على إطلاق سراح الأسرى.
ودعا كل البرلمانات العربية والإسلامية والدولية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وكل الأطراف الموقعة على اتفاقيات جنيف واللجنة الدولية للصليب الأحمر وكل المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والعربية والدولية وكل أحرار العالم إلى أن يتحملوا مسؤولياتهم الأخلاقية والأدبية والوطنية والدينية والقانونية في مواجهة الاجراءات الاسرائيلية التي تُمارس يوميًا بحق الأسرى وبحق رموز الشرعية الفلسطينية المعتقلين في سجون الاحتلال في ظروف اعتقال غير أخلاقية وغير إنسانية على الإطلاق.
من جانبه، استعرض النائب محمد شهاب، رئيس لجنة الأسرى في المجلس التشريعي الفلسطيني، معاناة الأسرى في سجون الاحتلال من خلال تقرير لجنته الذي أقره المجلس بالإجماع، مؤكدًا وجود 7200 أسير فلسطيني وعربي في سجون الاحتلال.
ودعا النائب شهاب قيادة السلطة الفلسطينية وكل جهات الاختصاص العمل على رفع الدعاوى الفردية والجماعية باسم الأسرى وذويهم ضد حكومة الاحتلال وقادته أمام المحاكم الدولية ومقاضاتهم على جرائمهم أمام محكمة الجنايات الدولية.
وناشد المؤسسات الدولية، وخاصة مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بتكليف لجنة دولية للاطلاع على أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال، ومعاينة الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي بما في ذلك اتفاقية جنيف، كما دعا إلى تشكيل ائتلاف عالمي من مؤسسات حقوق الإنسان لإطلاق حملة عالمية ضد سياسة الاعتقال الإداري والعزل الانفرادي والإهمال الطبي التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى.