المناهج الدراسية هي الزاد الذي يتربى عليه الطالب منذ الصغر، ولعل نسبة كبيرة من قناعات الفرد تنشئ من خلال ما تعلمه وقرأه خلال حياته، هذا الأمر جعل من المناهج الدراسية بغية كل حاكم أراد أن يعبث بعقول المواطنين، ويبث لهم أفكاره وقناعاته.
“التاريخ يكتبه المنتصرون”، عبارة اشتهرت على لسان رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرتشل، واستخدمها أيضًا الزعيم النازي أدولف هتلر، وأيضًا المناهج يكتبها الحكام والمحتلون.
الاحتلال يعبث بالمناهج
دائمًا ما يعمل المحتل على طمس هوية البلد الذي يحتلها، وأول ما يركز اهتمامه عليه هو بناء جيل ينزع منه الوطنية والدين، وهذا ما يفعله الاحتلال الصهيوني في فلسطين.
وفي إحدى الخطوات التي تسعى لهدم الثوابت التي ينشأ عليها أطفال فلسطين، وهو جهاد المحتل وحب الوطن وعروبتهم، كشفت صحيفة “يورشاليم” االإسرائيلية، في تقرير لها، أن بلدية القدس ووزارة المعارف بحكومة الاحتلال قررتا وقبل فترة قصيرة من بدء العام الدراسي الجديد، إلغاء تفسير بعض آيات القرآن وأبيات شعرية تتعلق بالجهاد.
كما ذكرت الصحيفة أن من بين الأجزاء المشطوبة من المناهج، آيات تتعلق بمكانة الأقصى، وكل ما يتعلق بوحدة الأمة الإسلامية، بالإضافة إلى النشيد الوطني الفلسطيني، وتفسير مفهوم بلاد الشام على أنها “فلسطين والأردن وسوريا ولبنان”، الذي ورد في تفسير سورة قريش.
كما حذفت أيضًا، قصيدة للشاعر عبد الرحمن محمود يقول فيها “:”احمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى، فأما حياة تسر الصديق وإمّا ممات يغيظ العدى”
فتوحات العثمانيين
موقف تركيا من الثورة السورية، وتأييد الرئيس التركي أردوغان لفصائل المعارضة، بالإضافة إلى تصريحاته المستمرة ضد النظام السوري، ووجوب خروج الأسد من أي حلول تتعلق بالأزمة السورية، جعلت من تركيا العدو الأول لنظام الأسد.
لم يكتفي بشار الأسد بمعاداة تركيا ونظامها الحالي، بل امتد الانتقام للأجداد، فقرر الأسد تجريد العثمانيين من فتوحاتهم التي ملأت كتب التاريخ، من خلال تعديلات على المناهج الدراسية في سوريا.
ونشرت صفحة “دمشق الآن” الموالية للأسد على موقع التواصل الاجتماعي” فيسبوك”، أوائل الشهر الجاري، صورة توضح التعديلات التي ستتم على مناهج التاريخ، والمتعلقة بالحقبة التاريخية للدولة العثمانية.
ومن ضمن التعديلات التي أقرها النظام السوري، تبديل كلمة “فتح” القسطنطينية، لتصبح “الاستيلاء” على القسطنطينية.
وفي المناهج الجديدة، المقر دراستها من العام الدراسي 2016م-2017م، لم يعد محمد الفاتح، سابع السلاطين العثمانيين، فأطلقت عليه التعديلات الجديدة في المنهاج السوري اسم “محمد الثاني”، على الرغم منفتوحاته وقضائه على الدولة البيزنطية نهائيًا.
وشملت التغييرات الفتوحات المرتبطة بالعثمانيين في البلقان، إذ صارت خارج الفتوحات الإسلامية، وبات اسمها “دخول البلقان”.
السيسي يطبع المناهج مع إسرائيل ويهمش الثورة
قام نظام السيسي منذ اللحظة الأولى على تزييف التاريخ وإخفاء كل ما يبرز أخطاءه، وأجرى تعديلات في المناهج الدراسية، لتكون المتحدث باسم نظامه دون اعتبارات للحقائق التاريخية المثبتة.
في إطار التطبيع الذي يعتمده نظام السيسي في علاقته مع “إسرائيل”، اتخذ عدة خطوات تعزز من أواصر العلاقة بين النظام المصري الحالي وبين الاحتلال الصهيوني، وذلك باتخاذ عدة تعديلات على المناهج الدراسية تشدد فيه على السلام بين الاحتلال الإسرائيلي ومصر.
وذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن أول تلك التعديلات التي اتخذتها مصر، تدريس اتفاق السلام بين مصر و”إسرائيل” الذي تم توقيعه عام 1979م، بعد مباحثات “كامب ديفيد” في الكتب المدرسية المصرية، وضرورة الحفاظ على أمن وأمان الجار الإسرائيلي.
وصرح كُتاب صهاينة أن كتاب “جغرافية العالم العربي وتاريخ مصر الحديثة في المنهج المصري للعام 2015م-2016م، قلص صفحات “تاريخ الحروب مع إسرائيل” من 32 صفحة إلى 12 صفحة فقط، في خطوة لتقليل الفجوة بين المصريين والإسرائيلين بعد الحروب المستمرة بينهم.
ومن التعديلات التي أجريت على المناهج في عهد السيسي، شطب أجزاء تتعلق بصلاح الدين الأيوبي بوصفه “محرر القدس” في منهاج التعليم الجديد،وحذف قصة عقبة بن نافع، وبررت الوزارة ذلك بأنها تحثّ على العنف والتطرف، الأمر الذي رافق ارتياحًا إسرائيليًا، بسبب وقوف النظام المصري على خط واحد مع الكيان الإسرائيلي.
وفي حادثة أخرى لتزييف المناهج، حذفت وزارة التربية والتعليم اسم البرادعي من الكتب الدراسية، كأحد المصريين الحاصلين على “جائزة نوبل” من كتاب اللغة العربية للصف الخامس الابتدائي.
وبررت الوزارة حذفها لصورة “البرادعي، إن الحذف جاء بناءًا على شكاوي تقدمت من المواطنين إلى الوزارة تطالب برفع صورة الدكتور البرادعي من المنهج الدراسي.