خاض الجيش السوري معركة هي الأعنف في تاريخ سوريا، استخدمت فيها قوات النظام السوري الطائرات والمدفعية وقذفت براميل متفجرة تحتوي على غاز الكلور، وسط مناشدات المدنيين وموجات نزوح جماعية.
ومنذ منتصف الشهر الماضي، تمكنت قوات النظام من إحراز تقدم سريع داخل الأحياء الشرقية وباتت تسيطر على أكثر من 98% من مساحة هذه الأحياء التي كانت تحت سيطرة الفصائل منذ العام 2012م، بحسب وزارة الدفاع الروسية.
جرائم النظام
ونفذت قوات النظام السوري قرابة المئتي عملية إعدام رميًا بالرصاص لأهالي حلب بينهم نساء وأطفال، وفقًا لشهود عيان من داخل مدينة حلب.
كما قامت قوات النظام وميليشياته بإعدام الطاقم الطبي بمشفى الحياة رميًا بالرصاص، فيما نقلت مصادر لقناة “العربية” أن ميليشيات موالية للنظام أحرقت تسعة أطفال وأربع نساء في حي الفردوس وهم أحياء.
الدفاع المدني في حلب، قال إن هناك أكثر من 90 جثة تحت الأنقاض لم يتم انتشالها حتى الآن، بينما هناك نحو 100 ألف من المدنيين محاصرين في مساحة ضيقة جدًا في بعض الأحياء، مازالت تخضع لسيطرة المعارضة، وغير قادرين على قدرتهم على تفادي القصف.
بدورها، حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن حياة آلاف المدنيين في حلب الشرقية أصبحت في خطر، مؤكدة أن آلاف المدنيين لا يملكون أي مكان آمن ليلجؤوا إليه.
نزوح أهل حلب
وبحسب تقارير وارده من المدينة أكدت نزوح نحو 4000 شخص من مناطق حي بستان القصر وحي الصالحين.
في حين كشف المتحدث باسم الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ينس لاريكه، أن نحو 40 ألف مدني فروا من أحياء حلب الشرقية منذ بدء حملة النظام والميليشيات العسكرية فيها.
وقال جواد رفاعي، أحد سكان حلب إن “العائلات تعجز عن نقل مصابيها إلى المناطق الآمنة، حتى إن البعض اضطروا للمغادرة تاركين وراءهم أطفالهم المصابين في المنازل”.
وحذر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زيد بن رعد، من مخاطر يتعرض لها آلاف السوريين الذين فروا من حلب الشرقية إلى مناطق النظام.
وطالب بن رعد بالسماح بمراقبين مستقلين بالتحقق من أوضاع هؤلاء النازحين، محذراً من أن ما يتعرض له سكان حلب الشرقية قد يتكرر في دوما وإدلب وغيرهما من المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة ويسعى النظام للاستيلاء عليها.
بدوره، قال مفوض الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة، روبرت كولفيل، إن على النظام السوري حماية حق الحياة لكل المدنيين والمقاتلين الذين استسلموا، مشيراً إلى تقارير تتحدث عن قيام النظام بإعدام العشرات في حلب.
وأعرب المسؤول الأممي عن قلق المنظمة من تقارير تتحدث عن اختفاء المئات بعد خروجهم من حلب.
وقف إطلاق النار
أعلن مندوب روسيا في مجلس الأمن فيتالي تشوركين، مساء اليوم الثلاثاء، “توقف كل العمليات العسكرية في شرق حلب”.
وفي وقت سابق، أفادت مصادر بالمعارضة المسلحة في شرق حلب أن اتفاقًا تم التوصل إليه لخروج المدنيين من شرق حلب، وأن التنفيذ سيبدأ خلال فترة قصيرة.
بدوره، أكد مصدر بالحكومة التركية، اليوم الثلاثاء، أنه تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في حلب بدءاً من الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش ويمكن للمدنيين والمقاتلين مغادرة المدينة بحافلات إلى إدلب حتى ليل الأربعاء.
وأوضح أنه سيكون بإمكان مقاتلي المعارضة حمل أسلحة خفيفة بناء على الاتفاق، الذي تم التوصل له بعد مفاوضات بين تركيا وروسيا اللتين ستضمنان تنفيذه.
مغادرة المعارضة
مسؤول من جماعة لواء السلطان مراد المعارضة السورية قال لـ”رويترز” بشكل منفصل: إن “أول حافلات ستغادر حلب ليل اليوم الثلاثاء أو صباح غد الأربعاء”.
كما قال فصيل أحرار الشام المعارض في سوريا إن جميع المقاتلين والمدنيين المحاصرين في جيب صغير في شرق مدينة حلب سيجلون هذا المساء إلى مناطق تحت سيطرة الفصائل المسلحة المعارضة في ريف المدينة.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، في تصريح للصحف، إن مقاتلي المعارضة انسحبوا “بعد ظهر الاثنين بشكل كامل من أحياء بستان القصر والكلاسة وكرم الدعدع والفردوس والجلوم وجسر الحج“.
ويأتي هذا الانسحاب بعد ساعات على سيطرة قوات النظام على حيي الشيخ سعيد والصالحين بعد ليلة تخللها قصف كثيف.