امتنعت مصر عن التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بفرض عقوبات على النظام السوري لاستخدام جيشه الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين في النزاع القائم بين الطرفين منذ نحو ست سنوات.
وأيدت تسع دول القرار الذي صاغته بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة مقابل ثلاث عارضته، وهي روسيا والصين وبوليفيا، في حين امتنعت كازاخستان وإثيوبيا ومصر عن التصويت.
ونص مشروع القرار على فرض حظر سفر وتجميد أرصدة 11 مسؤولًا عسكريًا سوريًا، إضافة إلى عشر هيئات، كما نص على حظر بيع مروحيات ومعدات أخرى للجيش والحكومة ولا تسليمها ولا نقلها في سوريا.
وجاء مشروع القرار إثر تحقيق مشترك للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية خلص في أكتوبر 2016 إلى أن السلطات السورية نفذت على الأقل ثلاث هجمات كيماوية في 2014 و2015.
مصر بديل للنظام في مجلس الأمن
من جانبه، صرّح الإعلامي السوري موسى العمر قائلًا: “لم يغب مندوب النظام المتواجد في جنيف بشار الجعفري عن جلسة مجلس الأمن، فقد ناب عنه السفير المصري وزيادة”.
وأضاف في تصريحات لـ”رصد”: “والموقف المصري من الثورة السورية تغير 180 درجة بعد الإطاحة بالرئيس مرسي؛ بدءًا من فرض تأشيرة الدخول على السوريين ومنعهم من دخول مصر رغم ضخهم لملياري مليار دولار استثمارات بها حرم منها الاقتصاد المصري، وليس انتهاءً بزيارات رسمية قام بها مسؤولون أمنيون وسياسيون لنظام العاصمة المصرية القاهرة”.
وتابع: “ولا أتوقع أي تغير في الموقف المصري حاليًا؛ لأنها تدعم الحسم العسكري لصالح النظام؛ لأنه من وجهة نظرها (أخف الشرين) البديل هم الإسلاميون، وهذا من وجهة نظري تقسيم خاطئ للقيادة المصرية الحالية”.
أسباب العداء للثورة السورية
بدوره، رأى الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط فراس أبو هلال أن امتناع ممثل نظام السيسي عن التصويت لصالح قرار يدين نظام الأسد يأتي في سياق طبيعي للسياسة الخارجية لهذا النظام؛ وهو أمر غير معزول عن استراتيجية السيسي بدعم أنظمة الاستبداد العربي باعتباره جزءًا منها.
ووضع أبو هلال ثلاثة أسباب لتفسير السلوك المصري الرسمي تجاه الأزمة السورية ودعم نظام الأسد:
الأول: نظام السيسي لا يريد لأي ثورة شعبية عربية أن تنجح ولو نصف نجاح؛ لأن هذا سيمثل حالة إلهام لبقية الشعوب العربية، ومن ضمنها الشعب المصري. ونجاح السوريين بإضعاف الأسد أو هزيمته وتعريته دوليًا يعني أن العدوى قد تنتقل إلى شعوب أخرى، وقد ينهي الشعار المصري الرسمي الذي يخوف الناس من مصير “سوريا والعراق”.
الثاني: النظام يتحرك في كل سياساته الداخلية والخارجية من منطلق عدائه للإسلاميين بتنوعاتهم كافة، ومن المعروف أن أي هزيمة أو إضعاف للأسد عبر قرارات دولية أو عبر القتال على الأرض سيصب في صالح قوى إسلامية؛ لأن غالبية القوى السورية المسلحة المعارضة تنتمي إلى التيار الإسلامي على اختلاف أيديولوجياتها.
الأخير: نظام السيسي يريد تعزيز علاقاته مع القوة الروسية الصاعدة في الإقليم، وهو يعلم أن البوابة السورية هي الأكثر انفتاحًا تجاه روسيا؛ فيما يدرك أن علاقته بأميركا تمر حصرًا عبر بوابة دولة الاحتلال، وبالتالي هو لا يخشى من غضب أميركي إذا تقارب مع روسيا في الموقف تجاه الأزمة السورية؛ لأنه يعتقد أن الرضا الأميركي مضمون بدعم “إسرائيلي”.
وأضاف لـ”رصد”: “طبعًا سيثور السؤال هنا حول المخاوف من غضب سعودي بسبب سلوك النظام المصري تجاه سوريا، ولكن الواقع يقول إن السيسي تجاوز هذه المرحلة، وهو يعلم أن الدعم المالي السعودي لن يعود كما كان؛ وبالتالي فلا بأس من المناورة لتحقيق أهدافه الثلاثة المذكورة أعلاه ما دام الدعم السعودي المالي متوقفًا على أية حال”.
وأنهى تصريحاته قائلًا: “أعتقد أن النظام لن يغير من سلوكه تجاه سوريا؛ لأن الأسباب الثلاثة التي تدفعه إلى اتباع هذا السلوك استراتيجية وعميقة في سياسته الخارجية”.