“يحدث الآن بسجن العقرب تجريد ودخول الزنازين ليلًا بصحبة كلاب بوليسية وتعذيب وإهانات وسبّ وتهديد بالقتل بالرصاص الحي وحملة تجويع متعمدة ومنع للزيارات نهائيًا، ومنع الأهالي من حضور الجلسات حتى لا يعرفوا ما يحدث للمعتقلين. ما يحدث في سجن العقرب جرائم ضد الإنسانية”.
تناقل نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي هذه العبارات ضمن رسالة نشرتها السيدة سناء عبدالجواد، زوجة القيادي بجماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي، على حسابها بـ”فيس بوك”، للكشف عما وصلت إليه حال سجن “طرة شديد الحراسة”، المعروف بـ”العقرب” سيئ السمعة، ومحاولة لإبراز جانب من معاناة معتقليه.
كما رصدت رسائل نشرها ذوو المعتقلين والمنظمات الحقوقية جانبًا آخر من الانتهاكات والتعذيب ضد معتقلي سجن العقرب؛ في محاولة من النظام للضغط على المعارضين لتقديم تنازلات سياسية أو التخلص منهم عبر الإهمال الطبي، كما يعتقد حقوقيون.
واقع عصيب
وبحسب شهادات ذوي معتقلين بالعقرب، فالزيارة ممنوعة منذ أكثر من شهر. ونشر مركز النديم الحقوقي رسالة استغاثة بعث بها معتقلون بالسجن لإنقاذهم من سوء المعاملة والحرمان من الطعام والدواء، والإصرار على وضع كل ثمانية في زنزانة لا تتسع لأكثر من اثنين.
وقالت آية حسني، زوجة المعتقل بسجن العقرب حسن القباني، إن أحوال السجن في تدهور مستمر. ومع منع الزيارات منذ فترة، تتوارد أخبار بمضاعفة الانتهاكات والاعتداءات بحق معتقليه خلال الأيام الماضية.
وقالت في تصريحات تلفزيونية إن كل إدارة جديدة للسجون تتفنن في زيادة معدل الانتهاكات والتنكيل بالمعتقلين؛ خاصة معتقلي العقرب، دون سبب واضح، مضيفة أن معاناة الأهالي تتزايد عندما يعلمون أن المنظمات المختلفة التي يقدمون إليها الشكاوى جهات شكلية؛ لكن ليس أمامهم إلا استنفاد السبل المتاحة.
لأصحاب الضمير
دفع ورود هذه الأنباء سياسيين وكتابًا إلى تناول أحوال سجن العقرب ومطالبتهم بالتحقيق في التجاوزات التي تحدث فيه.
وقال الكاتب المعروف فهمي هويدي إن استغاثة معتقلي العقرب “لا بد أن تؤرق كل مواطن صاحب ضمير”، مبينًا أن ما يحدث “حالة من التنكيل غير المبرر الذي لا تُعرف دوافعه”.
فروض الولاء
فيما يُرجع مدير المنظمة السويسرية لحماية حقوق الإنسان، علاء عبدالمنصف، ارتفاع وتيرة الانتهاكات ضد المُحتجزين بشكل شخصي إلى سعي رئيس مصلحة السجون الجديد اللواء محمد خلوصي إلى تقديم فروض الولاء والطاعة للنظام، وتقديم نفسه على أنه قاهر رموز المعارضة السياسية داخل محبسهم.
ويقول إن ما رواه عصام سلطان، نائب رئيس حزب الوسط، في آخر جلسات محاكمته في القضية المعروفة بـ”إهانة القضاء” عن انتهاكات متعمدة استهدفته بشكل شخصي، وكذلك ما نقل عن مُحتجزين آخرين، إنما يبعث رسالة من أجل التخلص من رموز المعارضة داخل محبسهم.
استغلال رمضان
وثمة رأي آخر يرى أن النظام يستغل قرب حلول شهر رمضان وحرّ الصيف ظرفًا للضغط على المعتقلين وذويهم، ضمن سياسة ممنهجة للتخلص من معارضيه؛ وهو ما يسهم بشكل كبير في ارتفاع ضحايا الموت نتيجة الإهمال الطبي داخل السجون ومقرات الاحتجاز.
ويقول أصحاب الرأي ذاته إنه رغم قيام المنظمات الحقوقية بدورها في رصد الانتهاكات وتوثيقها وإصدار بيانات وتقارير بهذا الشأن، بجانب التواصل مع الجهات الدولية المعنية؛ إلا أن ذلك لا ينفي الهدف الأسمى المتمثل في الحرص على عدم إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب ومحاكمتهم، وهو ما تحول دون تحقيقه صعوبات جمة؛ أهمهما تواطؤ النظام الدولي.
ويظل قوس التساؤلات مفتوحًا عما يهدف إليه النظام المصري من التنكيل بمعتقلي سجن العقرب من المعارضين السياسيين ما بين تقديم التنازلات السياسية؛ خاصة مع إصرارهم على مواقفهم من النظام الحاكم الذي يرونه منقلبًا وغير شرعي، وبين الانتقام من ثورة الخامس والعشرين من يناير في شخص هؤلاء الذين شاركوا في الثورة بكل قوة ووضعوا الدولة العميقة بكل أطرافها في موقف لا تُحسد عليه.