شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

ليبيا وخطر الصوملة

ليبيا وخطر الصوملة
  ترجمة: صفاء مسعود   أوجه التشابه في مكونات...

 

ترجمة: صفاء مسعود

 
أوجه التشابه في مكونات الأزمة في ليبيا والصومال
 
فى دراسة نشرت بمركز الناطور للدراسات والأبحاث جاء فيها أن المتتبع لمسار الأحداث في ليبيا بعد الإطاحة بنظام القذافي في أغسطس من عام 2011 يمكن أن يتبين بداية مرحلة الصوملة أي تحول ليبيا إلى صومال. فالحركات الانفصالية والميليشيات المسلحة في ليبيا تشكل أحد المصادر الأساسية لتهديد الأمن والاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي والتي تعود بصفة أساسية إلى التركيبة السكانية لليبيا.
 
من تجليات هذه الأحداث في الآونة الأخيرة:
تواصل الاشتباكات والصدامات القبلية في شرقي ليبيا (الكفرة) وفي غربها (الزنتان) هذا إضافة إلى صدامات بين الميليشيات المختلفة في طرابلس وبنغازي.
في ظل غياب السيطرة الأمنية من قبل الدولة المركزية تتصرف الميليشيات التي مازالت تحتفظ بسلاحها وحرية حركتها وكأنها دولة داخل دولة
 
المؤشرات بل والدلائل أكثر مما تعد وتحصى.
 
* حادث السيطرة على مطار طرابلس في الرابع من شهر حزيران الحالي ووقف حركة الهبوط والإقلاع في المطار ليومين من قبل ميليشيا مسلحة كتيبة قدمت من ترهونة .
* سلسلة من الاغتيالات في بنغازي وفي مدن ليبية أخرى طالت شخصيات تنتمي إلى نظام القذافي وكذلك إلى تيارات محلية في إطار ما يعرف بتصفية الحسابات والثأر، آخرهم القاضي المستشار جمعة حسن الجازوي.
* تعثر عملية بناء مؤسسة عسكرية وأجهزة أمنية قادرة على فرض هيبة الدولة لا نفوذ القبيلة أو المنطقة.
* استفحال ظاهرة عدم الارتباط بالدولة الأم أي الولاء للوطن وتسييد ظاهرة الولاء للقبيلة أو المنطقة .
هذه الظاهرة لا تتركز في شرقي ليبيا في البرقة وبنغازي بل في غرب ليبيا وجنوبها.
 
 
أحسب أن القراءة الواعية والدقيقة لهذه الأحداث والمعطيات التي تمر بها ليبيا يمكن أن تشكل إلى حدا ما أوجه التشابه مع ما حدث في الصومال عندما أطيح بنظام زياد بري من قبل الميليشيات وأمراء الحرب وانهيار الدولة المركزية، فعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود الصومال مازال يعاني من استمرار التدهور في الأوضاع رغم قيام حكومة مركزية برئاسة شيخ شريف في مقديشو مدعومة دوليا وإفريقيا.
 
ومما هو جدير بالتسجيل هو أن الفصائل التي انتفضت ضد زياد بري عام 1991 دخلت في حرب أهلية ضد بعضها البعض وأدى هذا الاقتتال إلى أن كل فصيل أو ميليشيا كان يشكل ذراعا عسكريا لقبيلة من القبائل، ويزعم أن له الحق في أن يحكم البلاد وأن تكون له الغلبة، كما أن كل ميليشيا قبلية حاولت أن تقيم لنفسها سلطة منعزلة عن السلطة المركزية ، مثل:
 
الحركة القومية الصومالية وتمثل قبائل ”الإسحاق” في شمال الصومال أعلنت استقلالها وشكلت دولة  أرض الصومال وعاصمتها هرجيسا.
 
المؤتمر الصومالي الموحد وركيزته قبائل الهويا.
 
الجبهة القومية الصومالية وركيزتها قبائل المريحان.
 
الدولة المركزية في الصومال وانهيار سلطة الدولة المركزية يعاد ما كان عليه قبل أن تتحول الصومال إلى ساحات اقتتال وإلى دويلات  وإلى ميلشيات.
 
الحالة الليبية تمر بنفس المراحل وعلى الأخص في الزنتان والبرقة والكفرة وفي بني وليد. مثل هذه الحالة خلقت وضعا هشا كل قبيلة لها تنظيمها المسلح الذي يحمل أهدافه وينصاع لزعامة القبيلة وليس للدولة. كل قبيلة لها أجندة خاصة التي لا تتماهى مع مصالح عموم الشعب الليبي الذي يريد مخرجا يدخله إلى مرحلة جديد وعهد جديد من الديمقراطية والمشاركة في صنع حاضره ومستقبله.
 
ما يمكن أن نستخلصه من إجراء مقارنة بين الحالتين الصومالية والليبية هو تشابه المدخل الإطاري للأزمتين الليبية والصومالية وقد لا نجنح إلى المبالغة إذا ما أكدنا أن الأزمة في ليبيا تعبر عن تفسها بشكل أوسع مجالا. هذا التعقيد نابع عن أن نظام القذافي الفردي حكم ليبيا أربعة عقود وتحولت إلى سلطة مطلقة تشريعية وتنفيذية وقضائية. وهذا ما يجعل أي باحث في الشؤون الليبية يجد صعوبة في دراسة الأزمة ولململة أطرافها وأسبابها التاريخية والاجتماعية والاقتصادية، وتختلف مفردات الحالة الليبية عن الصومال من حيث الكم والكيف
 
المساحة الجغرافية الشاسعة لليبيا  (1.7 مليون كلم مربع) مع عدد ضئيل من السكان (6.5 مليون نسمة) مقابل 637 ألف كلم مربع مساحة الصومال وعدد سكانه 7.5 مليون نسمة.
وجود الثروة النفطية والغاز والثروات الأخرى بينما مثل هذه الثروات لا تتوافر في الصومال أو لم تكتشف حتى الآن بسبب الصراعات الممتدة منذ ثلاثة عقود.
هل يستطيع المجلس الوطني الانتقالي
 
 
إعادة الفاعلية لسلطة الدولة المركزية؟.
 
إن استشراف معالم المستقبل والحديث من خريطة سياسية لبناء الدولة الليبية من جديد يعتمد على جملة من العوامل:
أن تجري انتخابات للمؤسسات التشريعية والتنفيذية والتي تأجلت لأكثر من مرة بذريعة عدم استكمال الاستعدادات والتحضيرات والمدخلات إلى العملية الانتخابية، لكن هناك أسباب أخرى تتعلق بوجود عقبات أمام إجراء انتخابات على مستوى وطني، هذه المعارضة تبديها إما ميليشيات مناطقية أو أثنية. من المعلوم أنه يتعذر إجراء انتخابات برلمانية أو رئاسية واعتماد دستور جديد للبلاد في ظل هذه الانقسامات وهذه التوترات بل هذه الصدامات.
 
عدم امتلاك السلطة الحالية التي ستدير العملية الانتخابية القدرة على توفير مستلزمات الضرورية الأمن والشفافية.
وفق ديناميات التدخل الإقليمي والدولي في الشؤون الليبية والذي تسبب في أكثر الأحيان في تعقيد الوضعية الليبية وإلى تقويض أية جهود لضمان الاستقرار الليبية وإلى تقويض أية جهود لضمان الاستقرار والأمن وتفعيل مؤسسات الدولة لتقوم بوظائفها كسلطة مركزية تحتكر وحدها صلاحية إدارة شؤون البلاد على كافة الصعد ويكون سلاحها هو السلاح الشرعي.
التدخل الإقليمي في الشؤون الليبية لا يمكنه نفيه أو إنكاره فهو يمارس بشكل مباشر وغير مباشر بالوسائل الناعمة  الخطاب السياسي والإعلامي الذي يتباكى على ليبيا القذافي الذي كانت تنعم بالاستقرار وكانت خالية من أي تواجد للإرهاب فكرا وممارسة.
 
وجدير بالملاحظة أن هذه القوى الإقليمية ونعني تحديدا تشاد والنيجر تمارس دور التدخل إما عبر وكلاء فلول نظام القذافي أو عبر ميليشيات موالية لها.
 
هذا الوضع المنفلت في ليبيا الذي لا يحكمه أي عهد أو فانون أو سيادة الدولة والتدخلات الآتية من تشاد والنيجر كل ذلك يضع علامة استفهام كبيرة حول مصير الانتخابات القادمة سواء لاختيار مجلس تأسيسي (برلمان) أو رئيس، وليس من المستبعد أن يعيد فلول نظام القذافي تنظيم أنفسهم على غرار ما حدث في مصر إما لاختراق المنظومة السياسية الليبية الجديدة أو العمل على إعاقة حركتها وإفشالها.
 
 
التدخل الخارجي ببعده الدولي:
هذا التدخل وإن بدا غير سافر ومرئي إلا أنه في طريقه إلى الاستفحال والتفاقم تحت ذرائع مختلفة.
الذريعة الأولى: أن ليبيا غذت أكبر مصدر للتهديد الأمني وعدم الاستقرار لدول الجوار الجزائر وتونس النيجر مالي موريتانيا ومصر، التهديد الذي يسوق له الغرب  يصنف بالتهديد الخطير والمباشر على أوروبا.
 
– تهديد إرهابي مفترض عابر إلى الجهة الغربية من البحر المتوسط إلى فرنسا وإسبانيا وإيطاليا على شكل عناصر إرهابية وربما تهريب السلاح.
 
– تهديد لمصالح الغرب في إفريقيا في غربها نيجيريا وحوض غينيا والنيجر من نفط وغاز ومصالح أخرى.
 
– تهديد للتواجد العسكري الغربي وعلى الأخص الفرنسي في تشاد ودول أخرى مثل جمهورية إفريقيا الوسطى وساحل العاج، وأمريكي في عدة دول إفريقيا وعلى الأخص في مناطق إنتاج النفط في غربي إفريقيا نيجيريا وأنجولا وساحل غينيا.
 
الذريعة الثانية: التدخل في ليبيا بذريعة وقف الهجرة غير الشرعية التي تتدفق إلى أوروبا عبر الأراضي الليبية والتي كان لنظام القذافي دور هام في وقفها بمقتضى اتفاقيات مع دول الاتحاد الأوروبي
 
التدخل الغربي في ليبيا
 
في حالة تفاقم الصراعات داخل ليبيا.
 
وفي هذا السياق يتوقع الباحث في الشؤون الإفريقية الدكتور جلال رأفت إذا ما تصاعدت الأوضاع في ليبيا وتحولت إلى أزمة بنيوية حادة مهددة للاستقرار والأمن تدخل من قبل الاتحاد الإفريقي بحفز وإيعاز من قبل دول كبرى غربية ومعها روسيا والصين اللتان تضررتا إلى حد كبير في ليبيا بعد سقوط نظام القذافي.
 
مخارج الأزمة الليبية
 
إمكانية السيطرة على الأزمة واحتوائها في ليبيا متوافرة لإنتاج مخارج لهذه الأزمة وحلها في إطار وطني شامل يحقق الأمن والاستقرار والأهم من ذلك وحدة الأراضي الليبية وشعبها.
 
وتقتضي معرفة متضمنات هذه المخارج البحث في مكوناتها:
 
المكون الأول: الحوار الوطني الشامل بين المكونات السياسية والاجتماعية للشعب الليبي لأن ذلك يعد ضرورة للخروج من منظومة التهميش والإقصاء التي مارسها نظام القذافي.
 
حث الخطى نحو تحقيق التغيير المنشود نحو بناء دولة ديمقراطية تعددية يحقق المساواة وتكافؤ الفرص لأبناء الشعب الليبي وإيجاد توازن بن مكونات هذا الشعب وكذلك إحداث تغيير في العلاقات الاجتماعية.
 
– تسريع وتيرة بناء الجيش الوطني الموالي للدولة الليبية والحامي لأرضها ومعه الأجهزة الأمنية الوطنية التي تعتبر حماية الوطن والمواطن من أوجب واجباتها.
 
– التركيز والتشديد في الخطاب الوطني على مقومات الوحدة الوطنية مقومات الجغرافيا والثقافة ومرجعية التاريخ بالإضافة إلى كون ليبيا صاحبة الموارد الاقتصادية الوفيرة التي إن أحسن استغلالها وتوزيعها فإن الشعب الليبي سيرتقي إلى مصاف الشعوب الميسورة الحال.
 
العمل بشكل دؤوب على تحسين العلاقات مع دول الجوار وعلى الأخص الدول المغاربيبة الجزائر وتونس وكذلك مصر والسودان في الشرق.


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023