شهدت المدّة الماضية تأسيس حملات مُطالِبة «عبدالفتاح السيسي» بالترشح إلى ولاية رئاسية ثانية؛ من أبرزها «عشان تبنيها، كمّل يا سيسي، معاك يا سيسي»، التي أطلقها نواب برلمانيون. لكن، بالرغم من ذلك، يتزايد الاستقطاب السياسي في الشارع المصري باستمرار بين مؤيدي السيسي والمعارضة المتنامية بشدة، بحسب صحيفة «المونيتور».
وتضيف أنه غير الاستقطاب، يرى محللون ومراقبون أنّ الانتخابات القادمة مجرد «مسرحية» معدّة مسبقًا لتمكين السيسي من الفوز؛ في ظل حملات الترهيب التي تقودها الحكومة ضد من ينوي الترشح أمامه.
وتقول، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، إنّ ما يستند إليه مؤيديو السيسي هو ما وصفوه بالإنجازات التي حققها، أو تلك التي قيد التحقيق. فيدعي «كمال عامر»، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان، أنّ إنجازات السيسي تشمل المشاريع الوطنية الكبرى التي نفّذها أو تلك التي في طور التنفيذ، وتهدف الحملة إلى تسليط الضوء على جهوده لاستعادة الاستقرار في وقت تواجه فيه الدول المجاورة لمصر تحديات خطيرة، مضيفًا: «سنلقي الضوء على التقدم الذي أحرزته مصر في مكافحتها للإرهاب».
مشاريع مضللة
تضيف المونيتور أنّ من أبرز المشاريع المنفّذة في عهد السيسي افتتاح قناة السويس الجديدة في أغسطس 2015، بتكلفة بلغت 8.2 مليارات دولار، وأنجزتها الحكومة في وقت تعاني فيه البلاد من تدهور شديد في الاقتصاد، وهي المدة التي حاولت فيها أيضًا تعزيز مخزونها من النقد الأجنبي.
بينما لم يحقق المشروع وعد الحكومة بزيادة الإيرادات؛ بسبب تراجع حركة التجارة العالمية واستخدام طرق الشحن البديلة، وانخفضت العائدات من 462.1 مليون دولار في أغسطس 2015 إلى 447.1 مليون دولار في يوليو 2017، وفقًا للأرقام الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء.
ومع ذلك، لا تزال السلطات المصرية على ثقة بأنّ المشروع سيعود بفوائد اقتصادية بمجرد تطوير منطقة قناة السويس، كما هو مقرر؛ لتشمل منطقة صناعية.
وأوضحت الصحيفة أنّ المصريين يشعرون الآن بخيبة أمل كبرى؛ بعدما سارعوا إلى شراء سندات حكومية لتمويله، وأيقنوا الآن أن المشروع كان مجرد «حملة دعائية كبرى» لنظام السيسي، وكان من الممكن استخدام هذه الأموال بشكل أفضل.
وقال الدكتور ممدوح حمزة، أحد أبرز المعارضين المصريين، إنّ اسم «قناة السويس الجديدة» كان مضللًا؛ فالذي حُفر ممرٌ مائيٌّ صغيرٌ وليس كما يوحي عنوان المشروع؛ فهو مجرد توسعة للحارة القديمة، ولم تكن هناك حاجة ملحّة إليها.
العاصمة الإدارية
وغير ذلك، انتقد «ممدوح» أيضًا خطط إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة (قيد الإنشاء)، وقال إنّها «مدينة أخرى لا لزوم لها». بينما وصف السيسي المشروع، الذي تبلغ تكلفته 45 مليار دولار، بأنه «خطوة نحو بناء دولة حديثة»؛ لكنّ «ممدوح» يقول إنّ القاهرة مدينة نابضة بالحياة ذات تراث تاريخي غني يعود إلى آلاف السنين ولا يمكن الاستغاء عنها بعاصمة أخرى.
ويعتقد المعارض أنّ المشروع «مجرد غطاء للتسويق المحتمل للفيلات التراثية وغيرها من الممتلكات في القاهرة لرجال الأعمال الأثرياء من الخليج، والتربح من ورائهم بملايين الدولارات، المرجّح أن تذهب إلى خزائن الحكومة».
وأضافت الصحيفة أنّ عديدًا من المصريين يتفقون مع ممدوح في رأيه؛ إذ يشككون في دوافع الحكومة من إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة.
وفى يوم 11 اكتوبر، في حفل افتتاح المرحلة الأولى من المشروع، رفض السيسي الانتقادات الموجهة إلى المشروع، قائلًا عن المشككين: «يجهلون الحقائق».
ويستعد ممدوح، الذي يرفض محاولات إعادة انتخاب السيسي لولاية رئاسية ثانية، لإطلاق حركة «التضامن الديمقراطية»؛ بهدف رفض ما أسماها «سياسات الحكومة الفاشلة»، قائلًا إنه سيعلن عن تأسيسها في أيام، وستقدّم دعمها لأي مرشح يتنافس مع السيسي في الانتخابات المقبلة؛ شريطة أن يلتزم المرشح بتحقيق أهداف ثورة يناير 2011، ويشارك تطلعات الجميع في دولة مدنية علمانية.
ويقول ممدوح، وشخصيات معارضة أخرى، إنّ الحملة التي يقودها النظام ضد المعارضين حاليًا دليل على «انعدام الأمن لدى القيادة الحالية»، مؤكدين أنّ الحملة توسّعت منذ انقلاب السيسي على أول رئيس مدني منتخب، الدكتور محمد مرسي، في 2013؛ إذ احتجز آلافًا من مختلف المعارضين بشكل تعسفي، وتفشى التضخم؛ بل وتوسّعت الحملة لتشمل أيضًا المثليين؛ إذ اُعتُقل العشرات للاشتباه في مثليتهم، بعدما رُفع العلم في حفل لـ«مشروع ليلى».
فشل استعادة الأمن
كما يتساءل النقاد عن قدرة السيسي على استعادة الاستقرار والأمن في ظل سياسات الحكومة القمعية التي تؤجج الإرهاب ولا تقضي عليه، وأضافت الصحيفة: «الواقع أنّ التمرد في شمال سيناء يتسبب في إصابات بين قوات الأمن على أساس شبه يومي، وتطوّرت الهجمات إلى المحافظات الأخرى؛ ففى 12 أكتوبر الجاري قُتل رجل دينى مسيحي على يد إسلامي متطرف في منطقة السلام شمال شرق القاهرة، وهو آخر سلسلة من الهجمات المميتة ضد المسيحيين فى مصر، وأثار الهجوم الغضب بين أفراد الأقلية القبطية في مصر، الذين يعيشون في خوف بعد فقدان الثقة في قدرة الحكومة على حمايتهم».
وفي أغسطس، قال السيسي إنه سيخوض انتخابات عام 2018 «إذا كانت هذه إرادة الشعب المصري»؛ ومن المتوقع على نطاق واسع أن يفوز، وإن كان بأصوات أقل بكثير مما كان عليه في عام 2014. ويرى كثيرون أنّ انتصاره المحتمل «صفقة أنُجزت» وليس بإرادة الشعب كما يصورون.
الاحتيال الانتخابي
وقال هشام قاسم، ناشر ومحلل سياسي، إنه «أثناء حكم مبارك، كان الاحتيال الانتخابي قاعدة، وتُشترى الأصوات مقابل الأرز والسكر؛ لكننا الآن نشهد تكتيكيات جديدة تمامًا؛ فالأصوات للسيسي مكفولة عن طريق الحوافز المقدمة لمجموعات معينة مثل مراقبي الانتخابات أو بزيادة رواتب الشرطة وغيرها. وغير ذلك، يواجه المرشحون المحتملون إرهابًا وتخويفًا، وتقود الصحف الموالية للحكومة حملات لتشويههم».
مسرح عرائس
وفي 25 سبتمبر الماضي حُكم على «خالد علي»، المحامي الحقوقي الذي كان من المرجح ترشحه في انتخابات 2018 مقابل السيسي، بالسجن لمدة ثلاثة أشهر؛ بعد ادعاء إدانته بانتهاك الآداب العامة. وقال «هشام» إنّ المناخ السياسي التقييدي لا يمكن أن يؤدي إلا إلى انتخابات «مرشحين عرائس»؛ لإضفاء الشرعية على التصويت، محذّرًا من رد فعل عمومي خطير إذا حدث ذلك.
ومع غياب مرشحين قادرين على مواجهته، فإن فوزه مؤكدًا. ولكن، مع اقتراب موعد الانتخابات، يتزايد أيضًا الاستقطاب السياسي داخل المجتمع، والفجوة لم تعد بين الإسلاميين وغير الإسلاميين؛ بل بين مؤيدي السيسي والمعارضة المتنامية بشدة.