أغلقت صناديق الاقتراع في اليوم الأول للانتخابات الرئاسية الساعة التاسعة مساء الاثنين، وسط هدوء خيم على أغلب اللجان الانتخابية بمختلف المحافظات، إذ اختفت طوابير الناخبين التي لطالما تفاخر بها المصريون عقب ثورة 25 يناير 2011، وذلك بالرغم من استخدام النظام كافة وسائل الترهيب والترغيب لدفع المواطنين للمشاركة.
ويسعى السيسي للفوز بولاية رئاسية ثانية بأغلبية ساحقة، إيذانًا بتعديل الدستور، وتمديد فترة رئاسته، إذ لا ينافسه سوى رئيس حزب الغد، موسى مصطفى موسى (مؤيد للسيسي)، بعدما شرع النظام في تغييب جميع منافسيه، ولعل أبرزهم رئيس أركان الجيش الأسبق، الفريق سامي عنان (معتقل بالسجن الحربي)، ورئيس الوزراء الأسبق، أحمد شفيق (قيْد الإقامة الجبرية بمنزله).
وتخضع رئاسيات مصر لإشراف 18 ألفاً و678 قاضيًا من 4 هيئات قضائية ، بمعاونة 103 آلاف موظف إداري، موزعين على لجان اقتراع تبلغ 13 ألفاً و687 لجنة في 27 محافظة، بحسب الهيئة الوطنية للانتخابات.
ويطمح النظام إلى دفع أكثر من 25 مليون مصري للإدلاء بأصواتهم خلال أيام التصويت، من أصل 59 مليوناً و78 ألفاً و138 ناخباً مسجلين بقاعدة البيانات، لكسر حاجز المشاركة في انتخابات العام 2014، رداً على ما يُثار في الداخل والخارج بشأن التراجع الكبير لشعبية السيسي في الشارع المصري، بسبب الوضع الاقتصادي المتأزم، والانتهاكات الحقوقية الواسعة بحق المواطنين.
عزوف الناخبين
ورغم الإجراءات التأمينية الغير مسبوقة، والتي تحولت بموجبها اللجان إلى ثكنات عسكرية، عزف الناخبون عن الحضور إلى مقار الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في «مسرحية الرئاسيات»، المحسومة نتائجها سلفًا لعبد الفتاح السيسي، والتي تستمر ليومين إضافيين، من التاسعة صباحًا وحتى التاسعة مساءً، أملاً من النظام الحاكم في مشاركة أكبر للمصريين.
ولكسر الجمود والعزوف عن الانتخاب؛ أجبرت السلطات المصرية المواطنين على الذهاب إلى أعمالهم في اليوم الأول للتصويت بواسطة سيارات الأجرة «التاكسي»، بعدما امتنعت أغلب أتوبيسات النقل العام عن السير في مساراتها المعتادة، وأصدرت إدارة المرور بوزارة الداخلية تعليمات إلى مواقف «الميكروباص» بعدم «تحميل» الركاب، وقصْر تحركاتها على نقل الناخبين إلى مقار الاقتراع، ما تسبب في تكدس المواطنين بتلك المواقف.
خروقات النظام
ومع الساعات الأولى لبدء علمية التصويت بالانتخابات الرئاسية الأشبه بمسرحية، شوهدت خروقات كثيرة، فعلى الرغم من بدء مرحلة الصمت الانتخابي، إلا أن سيارات أنصار عبد الفتاح السيسي المنتهية ولايته، طافت الشوارع تحمل مكبّرات الصوت لحثّ المواطنين على النزول من مساكنهم والتوجه للجان الانتخاب لدعم السيسي.
كما أحاطت لافتات دعاية ضخمة بكافة اللجان الانتخابية، فيما يعد مخالفة صريحة، من دون تدخّل من القضاة المسؤولين عن اللجان، أو مطالبتهم بإزالة الدعاية، تنفيذا للقانون، لكونها تمثل خرقا لفترة الصمت الانتخابي.
فيما منع الكثير من رؤساء اللجان الانتخابية، الصحفيين الصادرة لهم تصاريح رسمية من الهيئة الوطنية للانتخابات، من دخول اللجان ومتابعة سير عملية الانتخابات، مؤكدين أن هناك تعليمات عليا بذلك، وهو ما حدث في عدد من لجان محافظات القاهرة والجيزة والفيوم وأسيوط.
رسم الصورة الاعلامية
وفي مواجهة حالة ضعف الإقبال، لجأت الأذرع الإعلامية الموالية للنظام إلى التركيز على مشاهد مشاركة بعض مشاهير الفن في التصويت، على غرار محمد هنيدي، وسميرة أحمد، ولبلبة، ومدحت صالح، بينما سارع أعضاء مجلس النواب إلى نشر صورهم أثناء الاقتراع، والتي ظهر فيها بوضوح مدى خلو اللجان من الناخبين.
وفي قرار غير مسبوق بتاريخ الانتخابات المصرية سمحت الهيئة الوطنية للانتخابات للناخبين الحائزين على بطاقة «رقم قومي» منتهية (غير سارية) بالتصويت بدعوى «التيسير عليهم».
تهديدات أمنية
وفي محاولة للضغط على موظفي الدولة وحشدهم في لجان الانتخابات، أكدت أعداد كبيرة من الموظفين الحكوميين والمدرسين، على صدور تعليمات من الإدارات التابعين لها، بربط إمضاء الحضور، عقب الاحتشاد في المدارس والهيئات الحكومية لنقلهم للجان الانتخابات والتصويت، ثم العودة للتوقيع في الجهات التي يعملون بها.
ويتوعّد النظام قرابة خمسة ملايين ناخب من العاملين في الجهاز الإداري للدولة، حيث أكدت مصادر متطابقة في جهات حكومية عدة لـ «رصد» أن العاملين بها تلقّوا تهديدات تبدأ بالحسم من الراتب، وتصل إلى حد إبلاغ الجهات الأمنية، في حال امتناع أحد الموظفين عن الذهاب للانتخاب، أو عدم إظهار الحبر الفوسفوري على أصابعه أمام رؤسائه المباشرين.
يقول أحد الموظفين بالجهاز الإداري للدولة، لـ «رصد»، رفض الكشف عن هويته، «اجبرنا على انتخاب السيسي لفترة جديدة»، مضيفا إن «الرافضين يتم تهديدهم بوضع أسمائهم في كشوف منفصلة وارسالها للأجهزة الأمنية لاتخاذ اللازم حيالهم».
وليس موظفي الحكومة فقد من تلقى تهديدات، فالجمعيات الخيرية أيضًا تلقت تهديدات بالتضييق على عملها والتلويح بغلقها، من قبل مسؤولي وزارة التضامن، والأجهزة الشرطية محل اختصاصها، في حالة عدم التزام كل جمعية بتوفير حافلتين اثنتين لنقل 100 ناخب على الأقل من الفقراء المسجلين في دفاترها، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية.
مقاولو الانتخابات
بموازاة ذلك، استنفر رجال الأعمال في المحافظات المختلفة، لجمع أكبر قدر من المواطنين عبر مجموعات ممن يُعرفون باسم «مقاولي الانتخابات»، إذ احتشدت سيارات تابعة لرجل الأعمال محمد أبو العينين، مالك فضائية «صدى البلد»، في شوارع الجيزة لجلب المواطنين للجان، كما حشد مندوبون تابعون لرجل الأعمال، البسطاء والفقراء، بـ50 جنيها للصوت والحصول على بعض كيلوات من التموين، وهو الأمر الذي تكرر في محافظات عدة، عبر رجال أعمال آخرين، من بينهم محمد فريد خميس.
وقالت أحد الأهالي بمحافظة الجيزة، لـ «رصد» إن أشخاص تابعة لأجهزة أمنية، وسماسرة انتخابات، تجمع بطاقات الرقم القومي من الناخبين في الأحياء الشعبية لإجبارهم على المشاركة والتصويت في الانتخابات بزعم توفير معاش لهم، وهو ما علق عليه قيادي في الجبهة الديمقراطية المعارضة، بقوله إن «إجبار الموطنين على المشاركة بالانتخابات أمرٌ ليس بجديد على الأنظمة الديكتاتورية».
عربية ماشيه ف قرية فيها مكبر صوت وواحد بيقول "أي واحده هتنزل تنتخب هتاخد 50 جنيه".
— مَرْيَمَ (@MariamKamal__) March 26, 2018
بعض الناس بتتاخد بطايقهم وبناء علي تصويتهم بيتنده علي اساميهم وبياخدوا أكياس تموين
— مَرْيَمَ (@MariamKamal__) March 26, 2018
اقسم بالله ما في انتخابات لجان فاضيه و عندنا الانتخابات ب ٥٠ جنيه و من غير بطاقه كمان ……
— ابو جابر المصرى (@wwwabogabraboga) March 26, 2018
بطلان الانتخابات واى نتيجه للانتخابات لن اعترف بها الرشوة السياسيه وشراء اصوات الناخبين فين النائب العام فين النيابه توزيع بونات تموين علنى انتخابات ايه دى
— الشاعر خضر عوض (@khaderawad11) March 26, 2018
اول مرة اشوف #انتخابات اللي بيروح ينتخب بياخد كرتونة تموين هدية ، لا وقاضي اللجنة كمان اللي لازم يختملك عشان تستلم .. مشهد لن تراه في اي دولة 😢😒😔
— Hussien Adel (@Hussien_Adel1) March 25, 2018