قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إنّه في الوقت الذي تدرس فيه السعودية حفر خندق على طول حدودها مع قطر وإلقاء نفايات نووية بالقرب منها، وصل وزير الخارجية الأميركي «مايك بومبيو» إلى الرياض في أوّل رحلة خارجية له بصفته الدبلوماسي الأعلى في البلاد، حاملًا رسالة بسيطة فحواها: كفى.
وأضافت، وفقًا لما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ أميركا كانت المتسبب الرئيس في بدء الأزمة الخليجية بين السعودية وحلفائها ضد قطر؛ لكنّ مسؤولًا كبيرًا في وزارة الخارجية الأميركية على اطلاع بلقاء بومبيو أخبر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بضرورة إنهاء الخلاف في أسرع وقت.
وقادت السعودية، برفقة الإمارات ومصر والبحرين، مقاطعة لقطر في يونيو 2017؛ واتهموها بدعم الإرهاب وتمويله، وإرضاء إيران، والترحيب بالمتمردين في اليمن.
وقضى وزير الخارجية الأميركي السابق ريكس تيلرسون كثيرًا من وقته وجهده في محاولة للتوسط في النزاع الذي تسبب فيه ترامب؛ لكنّ مساعيه باءت بلا جدوى، في الوقت الذي استطاع فيه السعوديون والإماراتيون السيطرة على مراكز القوة في أميركا، مستغلين علاقة تيلرسون المتوترة مع ترامب، الذي انحاز للسعوديين في الأيام الأولى للنزاع، ويعتبر بومبيو من أشد المناحزين لسياسات ترامب الخارجية.
وأثناء زيارة الأمير القطري إلى أميركا الأخيرة، أنفقت السعودية والإمارات ملايين الدولارات لتشويه صورة تميم بن حمد آل ثاني؛ وأعلن فيها ترامب دعمه لهذا البلد الصغير.
وجاء بومبيو إلى السعودية لتوصيل هذه الرسالة بنفسه إلى الجبير، في اجتماع عقد بعد ظهر السبت، ثم اجتماعه مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ووالده الملك سلمان في اليوم نفسه؛ وأخبرهما بضرورة إنهاء الأزمة القطرية.
واحتلت المواجهة مع إيران، والاستقرار في العراق وسوريا، وهزيمة تنظيم الدولة، والحرب الأهلية الكارثية في اليمن، أولويات اجندة بومبيو أثناء الزيارة؛ وهي قضايا لها الأولوية العليا في أميركا، ولا يمكن معالجتها بشكل كامل دون استجابة عربية موحدة وأكثر قوة.
ووصل بومبيو إلى الرياض في اليوم نفسه الذي أطلق فيه الحوثيون ثمانية صواريخ على أهداف متفرقة في محافظة جزان الجنوبية؛ ما أسفر عن مقتل سعودي. وهذا يكشف أنّ حمام الدم في اليمن ما زال متناميًا.
وأصبحت الأزمة الإنسانية في اليمن مصدر قلق شديدًا في أميركا؛ وبدأ أعضاء مجلس الشيوخ من ذوي النفوذ مناقشة القيود على مبيعات الأسلحة إلى السعودية، ما من شانه تقويض أولويات الإدارة الأميركية، بما فيها الجهود الرامية إلى زيادة هذه المبيعات، وكذلك محاولة أميركا لجعل السعودية تؤدي دورًا أكثر فاعلية في استقرار سوريا ومواجهة إيران.
وأدى الحصار السعودي للدولة الفقيرة «اليمن»، بجانب عشوائية الغارات الجوية، إلى تفاقم الأزمات الإنسانية. وشدّد بومبيو أثناء لقائه بالجبير على ضرورة السماح بمرور المساعدات الإنسانية والسلع التجارية إلى اليمنيين، إضافة إلى إمدادات الوقود.
ويناقش بومبيو في جولته بالشرق الأوسط الاتفاق النووي الإيراني، الذي يعتقد معظم المراقبين أنّ ترامب سينسحب منه في 12 مايو المقبل، الموعد النهائي الذي أعلن أنه سيتخذ قرارًا بشأن الصفقة فيه. ومن المقرر أيضًا أن يصل بومبيو اليوم الأحد إلى القدس لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، وبعدها يتوجه إلى الأردن لإجراء مناقشات مع الملك عبدالله.
وجاءت جولة بومبيو بعد أسبوع واحد من زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألمانية أنجيلا ميركل إلى أميركا لإقناع ترامب بضرورة العدول عن الانسحاب من خطة العمل المشتركة، ويهدد المسؤولون الإيرانيون بأنهم سيستأنفون أنشطتهم النووية إذا ما أصرت أميركا على الانسحاب.
كما تعهّد ترامب بسحب القوات الأميركية من الصراع الطاحن في الشرق الأوسط في سوريا؛ طالبًا من دول عربية أخرى تحمّل مزيد من العبء. ونجاح أميركا في إقناع الحلفاء بالقيام بمزيد من الجهود أمر بعيد المنال.