أكدت صحيفة «هآرتس»، الإسرائيلية، أن هناك مواجهة دائرة حاليا بين مؤسسة الرئاسة المصرية والأزهر الشريف؛ بسبب رؤية السيسي حول تغيير الفكر الديني وتجديد خطابه، موضحة في مقال لـ«زافي بارئي»، محلل شؤون الشرق الأوسط، أن السيسي سئم من أهم مؤسسة دينية في مصر، وإن لم يكن في العالم الإسلامي بأكلمه، بعد أن أكد لشيخ الأزهر، «تعبتني يا فضيلة الإمام»، فيما خرج طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، بتصريح درامي آخر، مؤكدا فيه أن وزارته تدرس دمج نظام التعليم الأزهري مع نظام التعليم العام، مؤكدة، أن تصريحه يعتبر بالونة اختبار لما هو قادم.
وأضاف الكاتب، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أن الكثريين لا يعتقدون في نجاح ذلك الدمج، موضحين أن دراسة المواد الدينية في نظام التعليم العام، ليست أساسية وإنما اختيارية، أما الأزهر فدراسة المواد الدينية إلزامي، وهو الأمر الذي من شأنه أن يمحو أثر الأزهر كليةً، والذي يضم نحو مليوني طالب.
إلا أن وزير التعليم طارق شوقي، سارع إلى نفي وجود خطة مثل تلك، رغم أنه نفسه الشخص الذي قدمه بيده إلى لجنة التعليم في البرلمان.
ووفقا للصحيفة، فالأزهر ليس فقط مؤسسة دينية مهمة، بل يسيطر على نحو 9000 مؤسسة تعليمية من رياض الأطفال حتى التعليم الجامعي، ويتدخل قادتها في بعض الأحيان في الأمور السياسية، وهو ما حدث عندما رفض شيخ الأزهر وصف داعش بأنهم كفرة، زاعما أن المسلم حتى لو كانت خطاياه كبيرة وكثيرة، لا يمكن تكفيره.
كما انتقد عبدالفتاح السيسي، من قبل، بسبب إرساله قوات أمنية لتفريق تظاهرات طلبة الإخوان بالأزهر، وكان السيسي طالب من قبل في فبراير 2017، شيخ الأزهر، بضرورة إلغاء الطلاق الشفهي مؤكدا أنه غير واجب للتحقق من صحة الطلاق، وأن الطلاق يجب أن يكون أمام مأذون، وبطرقة قانونية بحيث لا يمكن إبطاله.
ووفقا للصحيفة، فإن شخ الأزهر أغضب السيسي أيضا، بعدما رفض لقاء نائب الرئيس الأميركي مايك بينس، بسبب اعتراف الولايات المتحدة بالقدس كعاصمة لإسرائيل، فيما يريد السيسي تغيير الخطاب الديني، إلى خطاب معتدل من شانه أن يقف كحائط صد ضد الإسلام المتطرف، إلا أنه أدرك فجأة أن المؤسسة نفسها تعيق الطريق أمام سياسته الموالية للولايات المتحدة.
وتأسس الأزهر في القرن العاشر، وجذب العديد من الطلاب والعلماء من جميع أنحاء العالم، وكان مؤسسة مستقلة حتى عام 1961، بعدما أممه جمال عبد الناصر وجعله جزءا من البيروقراطية الحكومية، وفي المقابل منح شيخ الأزهر، السلطة لفرض الرقابة على جميع الأمور الثقافية في كل ما يتعلق بالدين، وكذلك سلطة إدارة نظام تعليمي مستقل تماما، بما فيه التعليم الجامعي وكليات الهندسة والطب والتجارة، بالإضافة إلى كليات الدراسات الدينية.
وتعرض الأزهر للانتقاد على مر السنين، من قبل علماء الدين والحركات الإسلامية المتطرفة، التي اعتبرت علاقته التكافلية مع النظام غير متوافقة مع الدين، إلا أنه ورغم ذلك الانتقاد، فالطرفان استفادا من العلاقة.
إلا أنه بعد أن بدأت الأصوات المعارضة للسسي تخرج من الأزهر، ولا سيما فيما يتعلق بخطابه الديني الجديد وخططه من أجل التجديد الديني، غضبت مؤسسة الأزهر بشدة، ولا أحد يشك في أن الاقتراح بدمج نظامي التعليم العام والأزهري، هو أمر من السيسي.
وقال وكيل أزهر، عباس شومان، إن هذا الاقتراح غير منطقي وغير دستوري كذلك، موضحا أن القرار لا يمكن أن يصدر عن وزير التعليم، لأن رئيس الوزراء هو المسؤول عن الأزهر.
وبعيدا عما سبق فالأزهر يعد موردا امهم للإيرادات، وإذا تم دمجه مع التعليم العام، فإن قياداته ومدرسيه سيفقدون سبل عيشهم، ومن أجل منع تلك الخطوة، أوضح أزهريون أن المؤسسة تعد عنصرا مهما لقوة مصر الناعمة، حيث يلتحق به طلاب من 150 دولة مختلفة، وخريجوه من الممكن أن يصلحوا قادة في المستقبل.
كما تؤكد مصادر أزهرية أخرى، أن الدعوات لدمج نظامي التعليم، هي دعوات علمانية، تتعارض مبادئها مع قيم ومبادئ الأزهر، مؤكدين أن من أطلق تلك الدعوة يريد هدم الأزهر، وعلاوة على ذلك، يؤكد المعارضون أن دمج الأنظمة يعني أنه لن تتوافر حرية الاختيار أمام الطلاب، خاصة مع التركيز على دراسة المواد الإلزامية الخاصة بالنظام العام.
وأشارت الصحيفة، أن ما سبق من شأنه أن يؤدي إلى فقدان الأزهر لتراثه الديني الذي يشكل جزءا من الهوية الوطنية لمصر، إلا أن المناهضين لهذا الرأي، يدفعون بأن الأزهر، لا يجتذب سوى الطلاب ذوي المستوى الضعيف الذين لا يستطيعون الاستمرار في نظام التعليم العام.
وختمت الصحيفة، بأن السيسي لن يغير نظام التعليم قريبا أو طريقة التعليم المتخلفة كثيرا عن بلدان أخرى، إلا أن تلك الدعوة، رفعت السيف النضالي ضد التيارات الراديكالية الدينية، مؤكدة أن نهج السيسي اكتسب زخما، وإذا لزم الأمر، سيفرض السيسي المحتوى الذي يراه صحيحا على الأزهر.