تسببت تصريحات مذيعة مصرية – خلال برنامجها في قناة مملوكة لرجل الأعمال القبطي نجيب ساويرس – أساءت فيها لدولة المغرب وشعبها وحكومتها، عاصفة من الغضب، وتسببت في أزمة دبلوماسية بين البلدين استدعت تدخل وزير خارجية مصر وسفيرها في الرباط لتخفيف آثارها.
وكانت المذيعة أماني الخياط قد أثارت الأربعاء حالة من الغضب بين المغاربة بعدما هاجمت – على قناة "أون تي في" – المغرب بسبب انطلاق تظاهرات في الرباط داعمة لصمود الشعب الفسلطيني، وربطت بينها وبين دعوة أطلقها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" يدعو فيها المغرب وملكها وشعبها لمساندة غزة ورفض العدوان الإسرائيلي عليها.
وتبين لاحقا أن مقطع الفيديو الذي عرضته لمشعل هو تسجيل قديم لكلمة ألقاها إبان العدوان الإسرائيلي على القطاع عام 2008.
وقالت الخياط إن المغرب يعيش أياما سوداء في ظل حكومة إسلامية، وإن اقتصاد المملكة يعتمد على "الدعارة" كأحد أهم مصادر الدخل، وإن المغرب من أكثر دول العالم إصابة بمرض الإيدز.
وأضافت أن الملك محمد السادس عقد صفقة مع الإسلاميين وسمح لهم بتشكيل الحكومة خوفا من قيام ثورة ضده، وأنه أصبح يتلقى أوامر من مشعل، حيث استجاب لطلبه بخروج مظاهرات في المغرب داعمة لغزة.
ويقول مراقبون إن الإعلام المصري لا يتبع أبسط قواعد المهنية، لكن الأزمات التي يسببها والانفلات الأخلاقي والمهني من قبل المذيعين تزايد بشكل هائل عقب إنقلاب يوليو 2013.
وكانت المذيعة رانيا بدوي قد تسببت منذ شهر تقريبا في أزمة دبلوماسية أخرى لمصر حينما كالت الشتائم للسفير الأثيوبي في القاهرة – أثناء مداخلة هاتفية له مع برنامجها على قناة التحرير – بعد مشادة بينهما على موضوع السد الذي تبنيه بلاده على نهر النيل، وأنهت المذيعة المداخلة بإغلاق الخط في وجه السفير.
وبعد مطالبة الخارجية الأثيوبية لمصر باعتذار عن هذه الإساءة، قامت القناة بطرد المذيعة، وأصدرت بيانا اعتذرت فيه للشعب والحكومة الأثيوبية.
وطالب مغاربة غاضبون حكومة بلادهم بموقف رسمي من مصر حتى تقدم القاهرة اعتذارا رسميا عن تصريحات "الخياط"، كما أعرب كثير من المصريين عن رفضهم لتلك التصريحات المسيئة، مؤكدين أنها لا تمثل الشعب المصري.
ودشن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج يهاجم المذيعة بعنوان الإعلامية المتصهينة أماني الخياط تسب المغرب.
من جانبه، أكد ضياء رشوان نقيب الصحفيين، أن تصريحات المذيعة تستوجب المحاسبة لأنها ألحقت الضرر بمصالح مصر وأساءت لدولة شقيقة.
وطالب "رشوان" قناة "أون تي في" باتخاذ إجراءات تأديبية ضد المذيعة واللجوء إلى القضاء لاتخاذ الإجراء اللازم ضدها.
ووصف "أحمد خيري" المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار، عبر حسابه على "تويتر" المذيعة "أماني الخياط" بأنها "مريضة نفسيا".
وبعد أن أثارت تصريحات الخياط عاصفة من الانتقادات بين مشاهدي الغرب وخاصة المغاربة، اضطرت المذيعة إلى تقديم اعتذار – خلال حلقة الخميس من برنامجها – للملك والشعب المغربي، عما اعتبرته إساءة غير مقصودة، تسببت في إيذاء مشاعرهم.
وقالت: "أقدم اعتذارا واجبا لكل الشعب المغربي الشقيق ولكل عربي لم أوفق في أن أوصل له بشكل واضح أثناء تعليقي على تصريحات مشعل التي أحزنتني بعدما دعا شباب المغرب للجهاد في فلسطين وتحرير الأقصى".
وتابعت: "أعتذر لجلالة الملك المغربي بسبب زلة اللسان التي نتجت عن حماسي الزائد أثناء اعتراضي على المتاجرين بالدين أيا كانوا حكومات أو شخصيات، أنا أعتذر بشدة".
وناشدت المذيعة المشاهدين أن يكونوا رفقاء بها في نقدهم وأن يتجاوزوا عن خطئها.
ونفت أماني الخياط الشائعات التي انتشرت حول تركها لقناة "أون تي في" بسبب هذه الأزمة، وكتبت على "تويتر": "كل الكلام الذي ينشر عن تركي للقناة غير صحيح".
وتعتبر أماني الخياط – المعروفة بعلمانيتها – من أشد الإعلاميين المصريين عداوة لثورة يناير والحركات الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وبعد الانقلاب، سخرت برنامجها للهجوم على الإخوان وتبرير قرارات العسكر وانتهاكات حقوق الإنسان في مصر.
وعندما شن الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، انبرت تلك المذيعة في مهاجمة المقاومة الفلسطينية وحملت حركة حماس المسؤولية عن مقتل المدنيين والمتاجرة بدمائهم.
وبعد ردود الفعل المغربية الغاضبة، قدم مسئولون مصريون اعتذارات متكررة للمغرب، حيث دعا "سامح شكري" وزير الخارجية، وسائل الإعلام المصرية إلى تحمل مسئوليتها الوطنية خاصة عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع الأشقاء العرب.
وأضاف شكري، خلال مأدبة إفطار أقامها الخميس لرؤساء تحرير الصحف أنه تلقى بعدم ارتياح حديث أماني الخياط بطريقة غير لائقة عن المغرب الذي طالما وقف بجانب الشعب المصرى.
وأكد الوزير أنه يتفهم الجرح الذي يشعر به المغاربة، مطالبا الإعلام بمعالجة هذا الخطأ والمساعدة في تبديد أثره.
وقدم سفير مصر بالمغرب أحمد جمال الدين، اعتذارا رسميا عن تلك الإساءة.
وقال في بيان أصدرته السفارة إن "أي إساءة أو أداء غير منضبط صدر خلال الأيام الأخيرة في أي من وسائل الإعلام المصرية هو أمر مستهجن وغير مقبول جملة وتفصيلا من جانب جموع الشعب المصري".
وتابع البيان: "إن ما صدر من بعض وسائل الإعلام المصرية لا يعبر عن حقيقة التقدير والاحترام الكامل لجلالة الملك محمد السادس ولحكومة وشعب المملكة المغربية".
من جانبه قدم رجل الأعمال القبطي نجيب ساويرس، مالك قنوات "أون تي في" اعتذارا عن تصريحات أماني الخياط، حيث قال مواطن مغربي يدعى "خالد بيلامي" في حوار معه على "تويتر": "شفت يا أستاذ ساويرس اللي هببته أماني؟ أنا كمغربي صعب عليا أدافع تاني عن مصر"، فرد عليه ساويرس، قائلا: "أرجو إرسال اللينك، لأني لم أره وسأقوم بالتحقيق بنفسي، وأعتذر مقدما".
وكشفت تقارير صحفية أن رئيس قنوات "أون تي في" ألبرت شفيق هدد المذيعة بالطرد إذا لم تقدم اعتذارا مفصلا للملك والشعب المغربي، كما أنه اتصل بسفير المغرب في القاهرة وقدم له اعتذار القناة وإدارتها.
المصدر: عربي 21