على بعد 240 كم من العاصمة صنعاء، تحديداً من محافظة صعدة ، بدأت القصة.. قصة "الحوثيين"، أو ما تسمى بـ"جماعة أنصار الله". ظهرت حركة الحوثيين منذ عام 1992، نتيجة لممارسات التهميش والتمييز ضدهم من قبل الحكومة اليمنية. ظهرت كرقم أساسي في المعادله السياسية اليمنية، في الفترة الأخيرة. فمن هم الحوثيون؟ وما هي مطالبهم؟ وهل لهم تبعية لإيران؟ عشرات الأسئلة المطروحة، بعد ذيوع سيط الجماعة، عقب النزاعات الأخيرة في اليمن، والتي انتهت اليوم بسيطرتها على مواقع حكومية أساسية، أعقبه توقيع اتفاق نهائي لوقف النزاع، وانسحابهم مما سيطروا عليه.
الحوثييون هم جماعة متمردة شيعية، تأسست بصعدة شمال اليمن، وانشقت عن المذهب الزيدي، وسارت على نهج "حزب الله"، في لبنان، دينيًا وسياسيًا، حيث اعتنق أفرادها العقيدة الاثنى عشرية من المذهب الشيعي.
بدايتهم
بدأت القصة حيث يوجد أكبر تجمعات الشيعة الزيدية في اليمن. ففي عام 1986م تم إنشاء "اتحاد الشباب"، وهي هيئة تهدف إلى تدريس المذهب الزيدي لمعتنقيه، كان بدر الدين الحوثي -وهو من كبار علماء الزيدية آنذاك- من ضمن المدرِّسين في هذه الهيئة.
وفي عام 1990م حدثت الوحدة اليمنية، وفُتح المجال أمام التعددية الحزبية، ومن ثَمَّ تحول اتحاد الشباب إلى حزب الحق الذي يمثِّل الطائفة الزيدية في اليمن، وظهر حسين بدر الدين الحوثي -وهو ابن العالم بدر الدين الحوثي- كأحد أبرز القياديين السياسيين فيه، ودخل مجلس النواب في سنة 1993م، وكذلك في سنة 1997م.
تزامن مع هذه الأحداث حدوث خلاف كبير بين بدر الدين الحوثي وبين بقية علماء الزيدية في اليمن حول فتوى تاريخية وافق عليها علماء الزيدية اليمنيون، وعلى رأسهم المرجع مجد الدين المؤيدي، والتي تقضي بأن شرط النسب الهاشميّ للإمامة صار غير مقبولاً اليوم، وأن هذا كان لظروف تاريخية، وأن الشعب يمكن له أن يختار مَن هو جديرٌ لحكمه دون شرط أن يكون من نسل الحسن أو الحسين رضي الله عنهما.
منذ نهاية التسعينيات، وتحديدًا منذ سنة 1997م. وفي نفس الوقت انشقَّ ابنه حسين بدر الدين الحوثي عن حزب الحق، وكوَّن جماعة خاصة به، وكانت في البداية جماعة ثقافية دينية فكرية، بل إنها كانت تتعاون مع الحكومة لمقاومة المد الإسلامي السُّنِّي المتمثل في حزب التجمع اليمني للإصلاح، ولكن الجماعة ما لبثت أن أخذت اتجاهًا معارضًا للحكومة ابتداءً من سنة 2002م.
وفي عام 2004م حدث تطوُّر خطير، حيث خرج الحوثيون بقيادة حسين بدر الدين الحوثي بمظاهرات ضخمة في شوارع اليمن مناهضة للاحتلال الأمريكي للعراق، وواجهت الحكومة هذه المظاهرات بشدَّة، وذكرت أن الحوثي يدَّعِي الإمامة والمهديّة، بل ويدَّعِي النبوَّة. وأعقب ذلك قيام الحكومة اليمنية بشنّ حرب مفتوحة على جماعة الحوثيين الشيعية، واستخدمت فيها أكثر من 30 ألف جندي يمني، واستخدمت أيضًا الطائرات والمدفعية، وأسفرت المواجهة عن مقتل زعيم التنظيم حسين بدر الدين الحوثي، واعتقال المئات، ومصادرة عدد كبير من أسلحة الحوثيين.
تأزَّم الموقف تمامًا، وتولى قيادة الحوثيين بعد مقتل حسين الحوثي أبوه بدر الدين الحوثي، ووضح أن الجماعة الشيعية سلحت نفسها سرًّا قبل ذلك بشكل جيد؛ حيث تمكنت من مواجهة الجيش اليمني على مدار عدة سنوات ، وقامت دولة قطر آنذاك بوساطة بين الحوثيين والحكومة اليمنية في سنة 2008م، عقدت بمقتضاها اتفاقية سلام انتقل على إثرها يحيى الحوثي وعبد الكريم الحوثي –أشقاء حسين بدر الدين الحوثي- إلى قطر، مع تسليم أسلحتهم للحكومة اليمنية.
وأخيرا انتهي بما يحدث من بعد الاطاحة بعلي عبدالله صالح ، بخاصة في تلك الأيام من هجوم مسلح من الحوثيين على الكثير من محافظات اليمن من بينها العاصمة والسيطرة على مواقع سيادية من بينها وزارة الدفاع ومبني التلفزيون والمواقع العسكرية المحيطة به، وسقوط عشرات القتلى من المواطنين، بالرغم من اتفاق بين الحوثيين والحكومة اليمنية بتوقيع اتفاقية سلام .