شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

إحياء الذكرى

إحياء الذكرى
منذ أيام معدودة، حلت علينا الذكرى الثانية لمذبحة "رابعة"، ونظرًا لأن هذه المذبحة كانت أليمة بحق الأحرار والحرائر في العالم بأسره، فأبى القائمون على إحياء هذه الذكرى إلا أن تكون مختلفة عن سابقتها

منذ أيام معدودة، حلت علينا الذكرى الثانية لمذبحة “رابعة”، ونظرًا لأن هذه المذبحة كانت أليمة بحق الأحرار والحرائر في العالم بأسره، فأبى القائمون على إحياء هذه الذكرى إلا أن تكون مختلفة عن سابقتها، وأصروا على إكسابها مزيدًا من التفاعل سواءً داخل مصر أو خارجها؛ عن طريق فتح أبواب جديدة، وإنارة طريق الحرية بمزيد من الفاعليات والأحداث، وتسليط الضوء على أبعاد هامة أهملت من قبل، وأولى هذه الأبعاد كان البعد الإنساني؛ حيث ظهرت ولأول مرة مؤسسة تهتم بالبعد الإنسانى فقط؛ ألا وهي مؤسسة “رابعة ستوري”؛ حيث تم تدشين تلك المؤسسة في كندا، وسعت من خلال فاعلياتها في ربوع العالم إلى تعريف الإنسانية كلها وتوعيتها بتلك المذبحة، إضافة إلى عملها كموثق للضحايا، وكان التجاوب معها أكثر من رائع، وساقت تلك المؤسسة بشرى سارة إلى كل المهتمين بتلك المذبحة؛ بالكشف عن التصميم المقترح لتنفيذ متحف عن “رابعة”.

أما البعد الثاني الذي كان له بريقه في إحياء تلك الذكرى، هو البعد الحقوقي، وكان لهذا البعد صدى أزعج الدولة المصرية؛ فقد أعلنت منظمة “العفو الدولية” ومنظمة “هيومان رايتس ووتش” أن الجرائم التي ارتكبت في تلك المذبحة ترتقي لجرائم ضد الإنسانية، وقالت “هيومان رايتس ووتش” أنه على الرغم من مرور عامين على المذبحة، إلا أنه لم تتم محاسبة أي مسؤول مصري، وطالبت الأمم المتحدة بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في تلك المذبحة.

ثالث تلك الأبعاد، كان البعد الإعلامي؛ فقد تم تناول تلك الذكرى على الفضائيات بصورة مختلفة وتم عمل تغطية واسعة لتلك الذكرى، كما تم بث أفلام وثائقية جديدة تخص تلك المذبحة كـ”عمارة المنايفة” و”إشارة صفراء”، وقد ظهرت تغطية بعض الصحف بشكل مختلف في تلك الذكرى كصحيفة “التحرير” المصرية والتي تناولت ذكرى المذبحة بشبه موضوعية، أما مواقع التواصل الاجتماعي؛ فقد كان التفاعل مع إحياء الذكرى على أشده؛ حيث تصدر هاشتاج الذكرى RememberRabaa# مواقع التواصل، ووصل عدد المتفاعلين معه على مستوى العالم أكثر من ٨٥ مليون متفاعل.

وكانت مفاجأة تلك الذكرى، هي تدشين البعد التقني في إحياء ذكرى مذبحة رابعة؛ حيث تمكن شباب مجهولون من القرصنة على مواقع إلكترونية مهمة تابعة للدولة المصرية -كموقع مطار القاهرة الدولي، وموقع اتحاد الإذاعة والتليفزيون- ووضع علامة رابعة وشعار تلك الذكرى “الأرض لا تشرب الدماء” على تلك المواقع.

وللمرة الأولى منذ فض “رابعة”، تكون هناك فاعلية كبرى ولا يتم إلقاء القبض على أي من المشاركين في تلك الفاعلية، ولم تتشابك الشرطة المصرية مع أي مظاهرة، ومن ثم لم تكن هناك حالات قتل أو إصابة فى صفوف المتظاهرين.

ولكن إحياء تلك الذكرى فقد عدة أشياء؛ فعلى الرغم من مرور عامين على المذبحة، لم يكن هناك عدد محدد لشهداء تلك المذبحة؛ فالأرقام متعددة حتى في المنظمات الحقوقية، على الرغم من أن معايير الوفاة واحدة في هذه المنظمات.

كما تم إهمال المصابين في تلك المذبحة، وهؤلاء المصابون هم المهضوم حقهم في هذه الفاعليات؛ فكثير منهم أصبح ذا عاهة مستديمة، ويصرفون آلاف الجنيهات شهريًا لتلقي العلاج، ومنهم من توقف عن العلاج لأنه أصبح لا يملك شيئًا بعد أن باع كل ما لديه، فضلًا عن انهم فقدوا وظائفهم نظرًا لإصابتهم، وهناك عدد منهم يحتاج للسفر خارج مصر لتلقي العلاج، أرجو أن تهتم بهم المنظمات الإغاثية -رابعة ستوري وغيرها- وأن يكون جزءًا من عملهم هو الاهتمام بهؤلاء المصابين ورعايتهم، وعمل إحصائية بهم ونشر قصصهم وسيرتهم.

مرت هذه الذكرى، وكان هناك تغيير لمسه كل من اهتم بهذه القضية، وإذا استمر العمل بنفس الطريقة وتلك الروح وهذه الهمة والإرادة فسيأتي اليوم الذي نحيي فيه تلك الذكرى، وحينها سيكون كل أفراد العالم يحيون تلك الذكرى؛ لأن رابعة عندئذ ستكون أعظم حدث عالمي.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023