تحت عنوان (في مصر.. المعتقلون الإسلاميون يموتون من الإهمال)، نشرت وكالة “رويترز” تقريرًا خاصًا من دمياط، لـ ستيف كالين، ذكر أن الجماعات الحقوقية المصرية والدولية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، سجلت أكثر من مائة حالة وصفوها بـ”الموت نتيجة الإهمال” في السجون على مدى العامين الماضيين.
وتؤكد هيومان رايتس ووتش، أن مصر ملزمة، بموجب القانون الدولي، بمنح المعتقلين ذات الرعاية الصحية المتوفرة للمواطنين العاديين، كما يحظر الدستور المصري معاملة السجناء بما “يتناقض مع كرامة الإنسان أو يعرض صحتهم للخطر”.
برغم ذلك، قالت الجماعة الحقوقية في تصريحات عبر البريد الإلكتروني: “ترفض سلطات السجون بشكل روتيني تقديم الرعاية لإنقاذ حياة المرضى المعتقلين، ويبدو أنها تفعل ذلك دون رقابة من كبار المسؤولين في وزارة الداخلية أو إدارة السيسي”.
وخلال الشهور الثلاثة الماضية، تحدثت “رويترز” لأسر ومحامي خمسة سجناء قالوا إنهم شاهدوا نمطًا من الإهمال مع المعتقلين السياسيين.
استهل التقرير باستعراض حالة “المحامي محمد الفلاحجي، عضو جماعة الإخوان المسلمين، الذي اعتقل بتهمة الإرهاب في عام 2013، وظل في السجن دون محاكمة. لكن في وقت سابق من هذا العام، وبعد مناشدات بأن يتلقى مساعدة طبية، توفي “مكبل اليدين إلى سرير المستشفى”، بحسب ابنه أسامة.
وتعتقد عائلة الفلاحجي، بأن موته كان متعمدًا؛ كوسيلة تنتهجها الدولة المصرية للتعامل مع السجناء التي تريد التخلص منهم.
وأضافت “رويترز”، لم يُحاكَم أي مسؤول بعد وفاة الفلاحجي، أو أيا من ضحايا “الموت نتيجة الإهمال” الآخرين. ورفض المتحدثون باسم السيسي ورئيس الوزراء التعليق وأحالوا “رويترز” إلى وزارة الداخلية التي لم تستجب لطلبها المفصل.
مردفة: “يأتي ذلك في ظل حملة أمنية يشنها السيسي على المعارضين من جماعة الإخوان المسلمين منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، وفي الشهر الماضي وافق على قانون جديد لمكافحة الإرهاب يقضي بتشكيل محاكم خاصة وحماية القوات الأمنية قانونيًا حال استخدام القوة”، على حسب وصفها.
ونقلت عن عائلات ونشطاء حقوق السجناء ومسؤولي الإخوان، أن جزءًا من هذه الحملة يطبق في السجون، التي تضم -حسب بعض التقديرات- ما يصل إلى 40 ألف معتقل سياسي، وتزداد ازدحامًا يومًا بعد يوم. ويتهمون سلطات السجن برفض إسعاف المرضى المعتقلين بشكل روتيني، أو إرسال الأطباء إلى الحالات الحرجة، والضغط على الأطباء لكتابة تقارير طبية تثبت أن السجناء في حالة صحية أفضل مما هم في الواقع.
من جانبه، حمًّل المتحدث باسم الإخوان مسؤولية حوادث الوفاة على عاتق السيسي ورئيس وزرائه ووزير داخليته إلى جانب سلطات السجن.
وأوضحت الوكالة أن “الفلاحجي” ليس هو السجين الوحيد الذي تعتقد أسرته وزملاؤه أنه لقي حتفه نتيجة الإهمال، فهناك أيضًا طارق الغندور، وهو طبيب بارز مؤيد لمرسي، رفضت السلطات التماسات بالإفراج عنه لأسباب طبية، وانتهت حياته بنزيف “دلو من الدم” بحسب ابنه زياد في المستشفى قبل أن يفارق الحياة.
ونقلت عن زوجته “إيمان” قولها: إن العملية التي خضع لها أجريت على عجل، مضيفة “هذا النوع من العمليات كان يتطلب إرساله إلى المستشفى على الفور، لكن عندما تترك المريض ثلاث ساعات في السجن، وثلاث ساعات في المستشفى الجامعي.. لم يكن هناك مفر من أن يموت، لقد قتلوه”.
من جانبها، رفضت وزارة الداخلية التعليق على القضية، وقال أحمد شعراوي، رئيس معهد الكبد، إن الغندور تلقى أفضل رعاية طبية ممكنة وأنكر الاتهامات الموجهة لأجهزة الأمن بأنها أخرت أو قيدت علاجه.
وقال محمد المسيري، الباحث المصري في منظمة العفو الدولية، إن المنظمة تابعت ما لا يقل عن 124 حلة وفاة في السجن منذ بداية عام 2014، معظمهم بسبب سوء ظروف الاحتجاز، مثل الاكتظاظ، وعدم نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج، أو نتيجة احتجاز أشخاص يعانون من أمراض مزمنة.
وختم التقرير بحالة محمود عبدالهادي، أحد كبار المسؤولين في شركة الكهرباء الحكومية من مدينة الإسماعيلية، والذي اعتقلته السلطات يوم 12 أكتوبر 2013، واتهموه -وهو البالغ من العمر 58 عامًا- بتوزيع منشورات موالية للإسلاميين عقب الإطاحة بمرسي، وهو ما نفته العائلة.
وقال ابنه عمرو وابنته أسماء، إنهم أخذوه إلى سجن المدينة دون اتخاذ أية إجراءات قانونية مثل تسجيل الاعتقال في مركز الشرطة. وأعربوا عن قلقهم على حالته الصحية لأنه يعاني من ضعف في القلب، وخضع لجراحة قلب مفتوح مرتين، كما أودع في زنزانة مع نحو 50 شخصًا، بعضهم يدخن، وكان ينام على الأرض.
وأظهرت أسماء وعمرو لـ”رويترز” ستة طلبات قدماها إلى المسؤولين القضائيين والأمنيين للإفراج عن والدهما ما بين أكتوبر 2013 ومارس 2014، دون أن يتلقوا أي رد.
وفي فبراير، أصيب المعتقل بالحمى، وبعد ضغط من السجناء اضطرت السلطات لإحضار طبيب للكشف عليه، لكن حراس السجن أجبروه على كتابة تقرير يشير إلى أن صحته جيدة بعكس الحقيقة، وهو الاتهام الذي رفضت وزارة الداخلية التعليق عليه.
تطورت حالته الصحية حتى فقد وعيه وأحيل إلى المستشفى، لتعلم ابنته في صباح اليوم التالي أنه مات، قائلة: “أصررت على رؤية والدي.. كان بالفعل داخل ثلاجة الموتى”.