شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«واشنطن بوست»: لا سلام في الأفق.. أسباب وصول اليمن إلى المجاعة

من آثار حرب التحالف بقيادة السعودية على اليمن

تناولت صحيفة «واشنطن بوست» جوانب الأزمة الإنسانية في اليمن بسبب الحصار السعودي، ووصفتها الأمم المتحدة بأنها «أسوأ أزمة إنسانية في العالم»؛ لانعدام الأمن الغذائي لـ80% من سكانه، ووجود الملايين منهم على حافتها. وازدادت سوءًا أوائل نوفمبر؛ بعدما رفضت السعودية رفع حصارها كاملًا على حدود اليمن؛ ما جعل من المستحيل تقريبًا على أيّ شخص استيراد الغذاء أو الماء والإمدادات الطبية.

وفي هذا التحليل، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، تسلّط الصحيفة الضوء على الرغبات السعودية وراء تدخلها في اليمن.

ما الذي أوصل «أحد أفقر بلدان العالم» إلى هذه النقطة؟

الأمر معقّد للغاية؛ لأنه ينطوي على قوى إقليمية متحاربة وإرهاب ونفط، بجانب الكارثة المناخية الوشيكة. والآن، يتقاتلون كثيرون من خارج اليمن داخله؛ ويموت اليمنيون!

كيف بدأت الأزمة السياسية؟

مثل صراعات الشرق الأوسط الحالية، بدأت الأزمة مع ثورات الربيع العربي في نوفمبر 2011؛ فبعد الاحتجاجات وافق الديكتاتور «علي عبدالله صالح» على انتقال السلطة إلى نائبه «عبدربه منصور هادي»، واعتبر كثيرون أنه قرار انتصاريّ للديمقراطية.

لكن، على مدى العامين التاليين، كافح هادي من أجل قيادة فعالة، في ظل معاناة البلد من البطالة وانعدام الأمن الغذائي والفساد، كما واجه شعبه هجمات من تنظيم القاعدة، في وجود جيش متشكك يحوي موالين لصالح.

واستغل الحوثيون، الذين يدعمون الأقلية الشيعية، نقاط ضعف هادي؛ فانقلبوا عليه وسيطروا على شمال البلاد، ودعمهم يمنيون محبطون؛ بسبب ضعف الحكومة في البداية. وعندما قرّر الحوثيون السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء، هرب هادي ورفاقه إلى مدينة عدن الساحلية.

كيف شاركت السعودية؟

لأنّ الحوثيين «الشيعة» يهددون الحدود الشمالية للسعودية «السنة»، رأت السعودية أنه من السخرية السماح لمجموعة شيعية بالسيطرة على دولة حدودية؛ ولا سيما وحدة متحالفة مع عدوها اللدود إيران. وسرعان ما شكّلت السعودية مع ثمان دول عربية سنية تحالفًا للتغلب على الحوثيين وإعادة هادي إلى السلطة.

وعلى مدى العامين التاليين، قاد التحالف حملة واسعة النطاق استخدم فيها الغارات الجوية وأسقط آلاف القنابل، وقتل مدنيين. ووفقًا للبحوث، أصيب 3577 موقعًا عسكريًا و15 ألفًا وعشرة مواقع مدنية في 8600 هجمة.

وقال تقرير صادر عن الأمم المتحدة إنّ عشرة آلاف يمني قتلوا وأصيب 40 ألفًا، ولم تسفر الضربات الجوية عن تقدم التحالف؛ لكن تمكنت القوات الحكومية من استعادة عدن بعد معركة ضارية استمرت أربعة أشهر، أسفرت عن مقتل المئات؛ وأعطى الانتصار معقلًا للانطلاق منه والسيطرة على جزء كبير من الجنوب.

وقالت «بي بي سي» إنّ الحوثيين يسيطرون على جزء كبير من الشمال، وبالرغم من استمرار الغارات الجوية والحصار البحري والبري؛ لم تتمكن القوات الموالية للحكومة من طردهم من معاقلهم، بما في ذلك صنعاء. وإضافة إلى الصراع، يسيطر «القاعدة» أيضًا على أجزاء في اليمن، وينشط «تنظيم الدولة» هناك ويستهدف الجنوب الذي تسيطر عليه الحكومة.

ما الذي دفع إلى الحصار؟

في مطلع نوفمبر، اعترضت السعودية صاروخًا باليستيًا بالقرب من العاصمة الرياض؛ وادّعى مسؤولون هناك أنّ الحوثيين أطلقوه وإيران أعطته لهم، واعتبره «ابن سلمان» عدوانًا عسكريًا مباشرًا. وكرد انتقامي، أغلقت المملكة العربية السعودية جميع المعابر البرية والبحرية والجوية؛ في محاولة لمنع دخول الأسلحة إلى هناك.

لماذا يعد الحصار خطرًا؟

بالإضافة إلى الأزمة السياسية، يواجه اليمن أيضًا كارثة بيئية، وصنفت أكثر من 90% من مساحة البلاد جافة أو صحراوية، ولدى الفرد اليمني أقل نصيب من حصة المياه في العالم، كما سارع الاستنزاف السريع لموارد المياه الجوفية في انخفاض منسوبها؛ ما جعل الزراعة أمرًا مستحيلًا، في حين يُستخدم جزء من الأراضي الصالحة في زراعة نبات القات المخدر، الذي يتناوله قرابة 70% من السكان هناك.

وقبل اندلاع الحرب الأهلية، كان اليمن يستورد 90% من غذائه عن طريق البحر، ويعتمد سبعة ملايين شخص كليًا على هذه الأغذية. وبسبب الحرب؛ أصبح استيرادها أمرًا غاية في الصعوبة، وبعد احتجاج دولي خفف السعوديون الحصار على الموانئ اليمنية قليلًا، وأعلنت أنها ستسمح بدخول الإمدادات عبر الموانئ التي تسيطر عليها الحكومة في ثلاث مدن. لكنّ منظمات الإغاثة والأمم المتحدة تقول إنها ليست كافية.

الخسائر الإنسانية التي يمكن أن يسببها الحصار

وفقًا للأمم المتحدة، اليمن في حاجة ماسة إلى الأدوية واللقاحات والمواد الغذائية، واللوازم ضرورية للقضاء على المرض والمجاعات؛ ومن دونها سيموت الآلاف من الضحايا الأبرياء، بينهم عديد من الأطفال. وقال بيان مشترك لرؤساء برنامج الأغذية العالمي واليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية إن الوضع في اليمن «أسوأ أزمة إنسانية في العالم».

وحذروا من أن 3.2 ملايين شخص معرّضون إلى خطر المجاعة، و150 ألف طفل يعانون من سوء التغذية يمكن أن يموتوا الشهر القادم، كما أنّ ما لايقل عن 17 مليون آخرين، بينهم 11 مليون طفل، في حاجة ماسة إلى الإمدادات الإنسانية. كما أدى نقص الأدوية والمياه النقية إلى انتشار الأمراض، وأصبح اليمن الآن في خضم «وباء الكوليرا»، وهو أسرع انتشار مسجل على الإطلاق؛ وتأثّر به قرابة 900 ألف شخص، وفقًا لما ذكرته الامم المتحدة.

هل هناك إمكانية للسلام؟

الآن، من الصعب أن نتخيل إمكانية حدوث السلام. ونظّمت الأمم المتحدة ثلاث جولات من محادثات السلام انهارت جميعها؛ ما أدى إلى تصاعد القتال وارتفاع قتلى المدنيين، وتطالب حكومة هادي باسنحاب الحوثيين من جميع المناطق التي يسيطرون عليها شرطًا مسبقًا للمحادثات؛ مما يحول دون نجاح أيّ سلام ممكن.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023