شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«واشنطن بوست»: للمرة الأولى في أميركا.. تعارض رؤى بين ترامب والقادة العسكريين بشأن سوريا

يستمر الجيش الأميركي في الحفاظ على نظامه الهائل من الابتكار العسكري

على الرغم من وعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب من سوريا، فمهمة «البنتاجون» ضد تنظيم الدولة لم تنته بعد؛ ويركّز القادة العسكريون الأميركيون على إخراجه من الجيوب الصغرى التي ما زال يسيطر عليها شرق سوريا، وضمان عجزه عن التخطيط لإطلاق هجمات ضد أميركا. وهو ما تحدّث عنه مسؤولو الدفاع الأميركيون بضرورة وجود بصمة أميركية في سوريا حتى بعد انتهاء الحرب ضد التنظيم.

لكنّ الأمر المربك: كيف سيوفّق الجيش بين رؤيته ورؤية رئيسه المبنية على الشك في الحروب الخارجية والرغبة في تحقيق انتصارات سريعة؟ وقال ترامب الأسبوع الماضي: «أريد الخروج من هناك، أرغب في إعادة قواتنا للوطن، لقد حان الوقت».

تتناول صحيفة «واشنطن بوست» علاقة ترامب والأوضاع السورية في تقرير لها، ترجمته «شبكة رصد»، مضيفة أنّ التعليقات على تصريحات ترامب كشفت عن فجوة فيما يتعلق بدور أميركا المستقبلي في سوريا؛ إذ يضع القادة العسكريون الأميركيون في اعتبارهم الخبرات السابقة في أفغانستان والعراق، وتحدّثوا عن الحاجة الملحّة لأجندة أميركية قوية لمرحلة ما بعد الصراع في سوريا.

القوات الأميركية في أفغانستان

وتوقّع الجنرال «جوزيف فوتيل»، قائد القيادة المركزية الأميركية، أنّ الجزء الأصعب ينتظر أميركا؛ فالمدن السورية المحررة تسعى إلى إعادة بناء نفسها وضمان ألا يعود المسلحون، و«هناك دور عسكري مطلوب لتحقيق هذا الأمر».

كما حذّر قادة آخرون من مغادرة سوريا قبل استقرار الأوضاع، محذّرين من أنّ الأرض ممهدة لعودة المسلحين مرة أخرى، مستنكرين أيضًا طلب ترامب من دول المنطقة العمل على تحقيق استقرارهم بأنفسهم. وفي اجتماع مع كبار مساعديه للأمن القومي في اليوم نفسه، سعى ترامب إلى الحدّ من مشاركة أميركا في أنشطة تحقيق الاستقرار؛ لكنّه في الوقت نفسه لم يضغط من أجل الانسحاب الفوري.

ويحاول المسؤولون العسكريون حاليًا التوفيق بين مخاوف ترامب وخططهم لإنهاء المهمة. وأكّد الجنرال «كينيث ماكينزي»، مدير هيئة الأركان المشتركة، أنّ ترامب كان جيّدًا في رفض منحه جدولًا زمنيًا لتحقيق الانسحاب، مضيفًا أنّه عامل يمكن أن يساعدنا في المضي قدمًا لإتمام مهمتنا؛ بينما اقترح وزير الدفاع «جيمس ماتيس» ضرورة دعم شريك أميركا الرئيس في شمال سوريا الأكراد.

قوات للجيش التركي في مواجهة قوات الأكراد

ويواصل القادة العسكريون الآن جهودهم العسكرية لإنهاء مهمتهم، التي تتباين بشكل حاد مع بدايتها في 2014، عندما سيطر المسلحون على مناطق واسعة شرق سوريا ووسطها. وبعد أربع سنوات من القصف والدعم، لم يتبقّ سوى جيوب صغرى جدًا خاضعة لسيطرة التنظيم، ويعكف القادة على إرسال رسالة إلى البيت الأبيض، بأنّ النصر في أيديهم؛ لكنهم يحتاجون وقتًا إضافيًا.

ويوجد ألفا جندي أميركي في شمال سوريا وشرقها يؤدّون مهام متنوعة؛ بين محاربة القوات المسلحة الصغرى على طول نهر الفرات بالقرب من مدينة بوكمال، وتقديم النصح والدعم للقوات السورية الديمقراطية، التي يسيطر عليها الأكراد (الشريك العسكري الرئيس في القتال ضد تنظيم الدولة). وبعد سنوات من التقدم ضد التنظيم واستعادة كثير من الأراضي، عبّر الأميركيون عن إحباطهم من تحويل قوات الدفاع الذاتي لجهودها للدفاع عن مدينة عفرين ضد الهجوم التركي.

ونتيجة لمغادرة قوات الدفاع الذاتي المناطق التي كانوا يسيطرون عليها، عاد بقايا تنظيم الدولة لإطلاق هجماتهم. وقالت «جنيفر كافاريلا»، التي تتابع الأحداث في سوريا بمعهد دراسات الحرب، إنّ انسحاب القوات الكردية تسبّب في خسارة أسابيع من الإنجاز العسكري ضد تنظيم الدولة.

مقاتلو تنظيم الدولة في سوريا – أرشيفية

وفي شمال سوريا، توسّع القوات الأميركية أنشطتها في مدينة منبج، خاصة مع احتمالية تفجّر الأحداث؛ بسبب الحملة التركية، التي يرى الأميركيون أنها تساعد تنظيم الدولة أكثر مما تساعد تركيا. وفي الرقة، التي كانت عاصمة للخلافة، تشرع مجموعة صغرى من القوات الأميركية في إزالة القنابل البدائية والعمل على استعادة الحكم والخدمات الأساسية. وفي مناطق شمال سوريا وشرقها، تدرّب القوات الأميركية قوة محلية للحفاظ على مدينة الرقة آمنة.

كما تدعم القوات الأميركية قوات الأمن الداخلية في المناطق الواقعة على حدود سوريا التي يسهل اختراقها، ويسيطر المسلحون على أراضٍ واقعة على طول نهر الفرات جنوب شرق دير الزور بالقرب من الحدود العراقية في أواخر الشهر الماضي، ووصف العقيد في مشاة البحرية «سيث فولسوم» جماعات تنظيم الدولة المتبقية في سوريا بأنها «صغرى غير منظمة وممزقة من المقاتلين» وتسعى القوات المحلية إلى تعقبها واحدة تلو الأخرى.

وحتى لو خسر التنظيم كلّ شبر من الأرض التي لا يزال يسيطر عليها، فالقادة العسكريون الأميركيون يحذّرون من تحوّل التنظيم إلى تمرّد؛ ففي تقرير حديث لمؤسسة أبحاث أميركا الجديدة، حذّر المحللان «ديفيد ستيرمان ونات روزنبلات» من أنّ عدم معالجة الجيش الأميركي للأسباب الجذرية التي أدت إلى نشوء تنظيم الدولة، مثل النمو الاقتصادي والاندماج السياسي؛ ستمكّن التنظيم من إعادة تجنيد مقاتلين جدد، أو حتى ظهور مجموعات مماثلة جديدة.

وقال «أنتوني كوردسمان»، المسؤول السابق في البنتاجون، إنّه من غير المرجح أن تعمل روسيا كقوة استقرار مع بشار الأسد لمنع عودة تنظيم الدولة من جديد؛ فهي تؤدي دور «المفسد» بطريقة رائعة، وعاجزة عن السيطرة على بلد ما على أرض الواقع، وأيضًا عاجزة عن تمويل أيّ شكل لإعادة البناء والتنمية.

وحذّر «أنتوني» من أنّ يسمح الخروج المتعجل من سوريا للمسلحين بإعادة تجميع صفوفهم وإطلاق هجمات على غرب العراق. وعلى الرغم من تأكيد ترامب مرارًا وتكرارًا على ضرورة الانسحاب؛ فإنّه لم يقل سوى القليل عن وجهة نظره بشأن البصمة العسكرية الأميركية في العراق المجاور، ويساعد نحو خمسة آلاف جندي أميركي القوات المحلية في القضاء على تنظيم الدولة وتحقيق الاستقرار في الأراضي المحررة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023