“خذ قرارك وادخل السجن حبّاً في الوطن”، هذه هي فلسفة الجنرال في الحكم والإدارة، والتي تعني، صراحةً، أن دولة السيسي تعلن أنها غير مسؤولة عن حماية مسؤول شريف، يتخذ قراراً صائباً، من وجهة نظره ونظرها، فيكون مصيره السجن.
باختصار شديد، يقول السيسي للمصريين: القانون ليس معياراً وحكماً، وأن الخروج عن القانون لو كان في مصلحة الدولة، فهو عين الوطنية، ومنتهى البسالة والشجاعة. والأخطر أنه يكرّس لمبدأ أن القانون ليس معياراً للفرز بين مواطن صالح وآخر طالح، ويؤسّس لأن المنفعة والمصلحة هي الأصل في الأفعال، بصرف النظر عن أخلاقيتها وقانونيتها.
هل السيسي، هنا، يعبّر عن الفلسفة النفعية، كما عرفها العالم منذ إرهاصاتها الأولى عن “أبيقور” قبل الميلاد، وحتى تحوّلها إلى نظرية عند الفيلسوف البريطاني جيرمي بينتام؟
لا أتصوّر أنه من العدل أن يلوم أحد محمد سلطان على قراره بالرحيل من عذاب المقبرة، وهو على قيد الحياة، ذلك أنهم، باختصار شديد، أعلنوها صريحة: كونك مصرياً، فهذا يعني موتك، لو كنت معارضاً أو معترضاً على شروط الحياة داخل تراب المقبرة المقدس.
المسافة بين “محمد سلطان الأميركي” و”محمد سلطان المصري”، هي الفرق بين الدولة والمقبرة، وبين المجتمع الإنساني وتجمعات الوحوش البرية في مناطق البحيرات والمستنقعات العطنة، هي الفرق بين الإنسان وباقي الكائنات.
تخيّل، مثلاً، لو سألت مستشارة ألمانيا عبد الفتاح السيسي في أثناء لقائهما عن قصة إطلاق سراح محمد سلطان، ماذا ستكون الإجابة؟