خلال العامين الماضيين انحصرت بشكل ملحوظ رغبة الشباب المصري في التجنيد، وظهرت حركات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو لعدم التجنيد الإجباري، وهناك أسباب عدة دفعت الشباب لهذا الشعور حتى أصبحت عبارة “الإعفاء النهائي” يرددها المقبلين على التجنيد والتي تعني أنهم لن ينضموا لصفوف الخدمة العسكرية.
غياب الحماية
وفي حديثه لـ”رصد” يقول صالح شاكر طالب بكلية أداب عين شمس، من أبرز أساب رفض الشباب للتجنيد، هو عدم حمايتهم من العمليات التفجيرية والقتل في مختلف أنحاء الجمهورية، سواء في شمال سيناء أو الكمائن المختلفة في القاهرة، حيث شهدت الثلاث أعوام الأخيرة الماضية مقتل المئات من الجنود، مع الانفلات الأمني المستمر الذي تشهده البلادولم يستطع النظام القبض على منفذي العمليات أو السيطرة عليها ومنعها وحماية الجنود.
وتفيد بيانات رسمية كثيرة لوزارة الداخلية والجيش بمقتل 206 مجندًا، وإصابة 8360 مجند من الجيش والشرطة، خلال الأعوام الماضية، في حوادث متفرقة، كما آخرها مقتل مجندين في كمين بالهرم بمحافظة الجيزة.
وتكثر عمليات قتل الجنود في سيناء، نتيجة سوء التدريب وضعف التخطيط وفشل الحكومة في احتواء أهالي سيناء، وقتلهم وعدم السيطرة على العمليات المسلحة، كل هذا يجعل من المجندين ضحية للانتقام من الحكومة، حيث يشير تقرير مؤسسة التحرير، للربع الثاني من 2016م، إلى ارتفاع عدد الهجمات في الربع الثاني عن الربع الأول من نفس العام (228 هجوم مقابل 211 هجوم في الربع الأول)، بينما حصدت شمال سيناء على 86% من عدد الهجمات التي تمت في مصر في الست شهور الأولى من 2016م، حوالي 195 هجوم.
ولفت التقرير إلى أن الهجمات تكون باستخدام العبوات الناسفة، وأنها في ازدياد عام من ربع سنوي لآخر في عدد الهجمات من هذا النوع، حتى بلغ عدد الهجمات 105 هجمات في الربع التاني من 2016م، بمعدل هجمة واحدة في اليوم.
جيش الكحك
وتدخل الجيش المصري في العمل بجميع القطاعات الغير عسكرية، ما حول المجندين إلى عمال دون تدريبات عسكرية، كما هو منوط بهم، فهم الآن يعملون في مصانع حلويات ومصانع المكرونة وصلصة الطماطم، وكحك العيد وحلاوة المولد، وبنزينة وطنية، وغاب عن الأذهان الدور الحقيقي للجيش وهو حماية الحدود من أي عدو خارجي، وتدريب أبناء الوطن على حمل السلاح وكيفية مقاومة العدو، وأصبح دور مجند الجيش الوقوف في بنزينة، أو مخبز للعيش، وأصبح لقب جيش مصر العظيم “جيش المكرونة”.
العمل بالسخرة
وتعد السخرة أبرز أشكال الإساءة للجندي في الجيش، وتلك القضية التي طرحها فيلم العساكر الذي أذيع على قناة الجزيرة القطرية مؤخرًا، فلا يخفى عن أي مواطن مصري، كيف يعامل المجند داخل الجيش، بداية من السب والشتم بالأب والأم والألفاظ الخارجة، والاعتداء اللفظي والبدني بالضرب أو التعليق أو “التف”، ومن يعترض على أي إهانة يكون مصيره الحبس العسكري، لأنه يخالف أوامر الجيش، إضافة إلى الاستهانة بهم، ومعاملتهم أنه “مش بيفهموا”، وقد يأمر ضابط أحد الجنود بمسح حذائه، أو غسل قدميه.
وتظهر سوء المعاملة بقوة واضحة مع جنود الأمن المركزي التابعين للداخلية، مثلما حدث من مقتل المجند حسن الشرقاوي برصاصة في رأسه من مسدس الضابط المشرف عليه يدعى محمود العرابي، وأثارت هذه القضية الرأي العام وصدر عنها فيلم وثائقي عرضته قناة BBC، حيث دائمًا ما كان يشتكي المجند لأهله من سوء معاملة الضابط له خلال 6 أشهر من تجنيده وحتى مقتله.
انتشار المحسوبية
يقول م.ا ضابط احتياطي في تصريح لـ”رصد” أن المحسوبية تنتشر بشدة داخل المؤسسة العسكرية، بداية من مرحلة الكشف الطبي حتى انتهاء فترة التجنيد، فمن له واسطة يكون تجنيده في القاهرة أو الجيزة أو المصالح الخدمية في المحافظات، ومن ليس له واسطة يتم ترحيله في أماكن الاشتباك والقتل في سيناء أو السلوم.
وأضاف، الجميع يعلم أن المحسوبية تفرق أيضًا في توزيع السلاح والأماكن، “يعني لو معاك واسطة تاخد سلاح لاسلكي وتعد على مكتب، ولو مش معاك تروح سلاح مشاه، وسلاح الإشارة والدفاع الشعبي مش زي سلاح المدفعية والمظلات والصاعقة.
رفض مواجهة الشعب
وقال محمد كمال طالب في الصف الثالث الثانوي، إنه يرفض الانضمام للجيش خشية من التعدي أو قتل على مواطنين أبرياء كل ذنبهم أنهم معارضون للنظام، رغم أن السلاح لابد ان يتوجه نحو العدو في الداخل والخارج فقط.