لم تغب قضية الزيادة السكانية عن لسان الرؤساء المصريين في خطاباتهم ولقاءاتهم الجماهيرية؛ بدءًا من الراحل جمال عبدالناصر وحتى الآن، منهم من رأها عبئًا على الدولة وآخر أكّد أنها ثروة قومية.
البداية مع الرئيس السابق جمال عبدالناصر، الذي تحدث عن القضية السكانية كثيرًا، وأنشأ المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة عام 1965، وفي خطابه في الذكرى الـ14 لثورة يوليو 1952م قال إنّ الزيادة السكانية أصبحت قضية ملحة.
وقال: «إذا كنا وصلنا في زيادة السكان إلى أكبر نسبة في العالم: الباكستان أكبر نسبة وإحنا نمرة 2، والزيادة 2.7، والإحصاء الأخير قال إن مصر زاد تعدادها على 30 مليونًا؛ ومعنى هذا إن إحنا كل سنة هانزيد مليونا. طب حنوكل المليون دول منين إذا لم نعمل؟ يعني لازم نعتمد على نفسنا».
ومنذ حينها تبنّت الدولة مشروعات «تنظيم الأسرة»، بعد اعتراض الأزهر على مصطلح «تحديد النسل»؛ لكن الحملات روجت للاكتفاء بطفلين أو ثلاثة من أجل «أسرة سعيدة».
السادات والعاصمة الجديدة
حاول الرئيس السابق محمد أنور السادات الخروج عن الاكتفاء بالترويج لقضية تنظيم النسل وتخفيف الضغط عن القاهرة، بإنشاء عاصمة جديدة وجد فيها حلًا لمشكلة التكدس السكاني في العاصمة.
واختار منطقة صحراوية قريبة من مسقط رأسه في المنوفية، وأقيمت عليها «مدينة السادات»، وكان ينوي جعلها عاصمة إدارية جديدة.
وقال في خطاب له: «زيادة السكان عندنا ما زالت تسجل معدلًا شديد الارتفاع، وحين نقول إننا نستقبل كل سنة مليون نسمة زيادة فإننا نستقبل تلك الزيادة بالطبع في استخدام المرافق، وفي مصاريف الدراسة، وفي تشغيل الخريجين من المدارس والمعاهد والجامعات».
بدأ السادات قبل اغتياله أولى خطوات تنفيذ إنشاء العاصمة الجديدة، واعتبرها خطوة جدية لحل الأزمة السكانية في القاهرة وأحيائها؛ فنقل الوزارات إليها. لكن، لم يوفّق المشروع في مراحله الأولى ولم تنجح المدينة في جذب سكان القاهرة بالشكل المنتظر.
ولإنقاذ المشروع من الفشل، أنشأت الحكومة مباني الوزارات المقترح نقلها خارج القاهرة لتصبح ملحقة بجامعة المنوفية. لكن الفكرة انتهت إلى الفشل أيضًا. ولم يكن للعاصمة المقترحة أي مردود اقتصادي أو مروري أو أمني.
المخلوع مبارك
شجّع الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك مبادرات التصدي للزيادة السكانية، وطالب بالدعوة إلى عقد مؤتمر قومي للسكان لتجديد طرح هذه القضية؛ «باعتبارها رئيسة في حاضر المجتمع ومستقبله».
وقال مبارك: «لا بد أنّ تستمر الوقفة المصرية المصيرية إزاء هذه القضية المهمة التي تمثّل التحدي الأكبر لمسيرة العمل الوطني».
الدكتور مرسي
واعتبر الدكتور محمد مرسي ارتفاع عدد السكان في مصر «قيمة مضافة»، وقال في لقائه بالجالية المصرية في روما أثناء زيارة رسمية لإيطاليا إنّه يشترط للاستفادة من الزيادة في عدد السكان «حسن توجيهها مثلما يحدث في دول العالم المتقدم».
وفي لقائه مع الإعلامي الراحل طارق حبيب في التليفزيون المصري أثناء الحملة الانتخابية، قال إنه يرحب بالزيادة السكانية؛ معتبرًا إياها ثروة قومية، مؤكدًا أنّ العالم «يفرح» بزيادة عدد السكان، وأنّ الله موكل بالرزق للجميع «وعليه فسيطعم هذه الزيادات، هكذا إلى ما لا نهاية».
ثم نقل حديثه إلى ارتباط الرزق بالتقوى، وذكر الآية القرآنية «ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء».
السيسي التنفيذي
أما عبدالفتاح السيسي، وكعادته في اتخاذ القرارات مهما كانت عواقبها أو مآلاتها على المجتمع، فشرع في الخطوات تحت ادعاء «رؤية الدولة المستقرة للقضية السكانية» في لقاءاته الإعلامية وخطاباته.