قالت صحيفة «واشنطن بوست» إنّ مصر واجهت توقّعات كبرى من السعودية ودول الخليج الأخرى بالتدخل بجشيها ضد إيران إذا تطور الأمر إلى حرب معها؛ لكنها أكّدت رغبة واضحة وصريحة بأنها «لن تدخل في أي صراع عسكري» أو أي من التوترات التي مزّقت الشرق الأوسط؛ ما قد يحدث احتكاكات بين القاهرة والرياض.
وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ مصر أعطت -من ناحية أخرى- تأييدًا لحلفائها في الخليج؛ لكنها في الوقت نفسه تحاول نزع فتيل التصعيد ضد إيران، فيما يبدو أنها محاولة للوقوف بمنطق التوازن.
وأعلن عبدالفتاح السيسي الأسبوع الماضي أنّ أيّ تهديد للأمن الخليجي تهديد لأمن مصر القومي، محذرًا إيران من التدخل في شؤون دول المنطقة، وقال إنّ المنطقة لديها ما يكفي من الاضطراب والتحديات، ولا تحتاج إلى أزمات أخرى كإيران وحزب الله.
وفي الشهر الماضي، اتّهمت السعودية إيران وحليفها اللبناني حزب الله مرتين بأعمال الحرب ضدها، ولا يبدو أنّ هناك حربًا محتملة بين القوتين الإقليميتين؛ لكنّ الخطاب المتصاعد بين الطرفين يثير مخاوف من إمكانية اندلاعها، وحذّر المعلقون المصريون من الغضب العسكري الذي بدأته السعودية.
أمر مروع
وكتب عماد الدين حسين، رئيس تحرير «الشروق»: «إن واجبنا الوطني هو إخبار أشقائنا بأننا معهم للدفاع عن أمن المملكة العربية السعودية والخليج والمنطقة بأسرها… ولكنّ هذا لا يعني أننا سنتدخل في الحروب والصراعات التي هي بالأساس طائفية». وحرص عماد، وهو مقرب من النظام المصري، على الثناء على الدور الإقليمي للسعودية ودعمها المالي لمصر؛ لكنّه تجنّب تسمية «ابن سلمان» بأنه وراء المواقف المتشددة للمملكة تجاه إيران.
وقال السياسي محمد أبو الغار إنّ الجيش المصري مشغول بمكافحة الإرهاب في سيناء، ولا يجب أن يتدخل في حربٍ أخرى؛ فالاقتراب من هذه المنطقة أمر مروع، وليس من الحكمة اندلاعها.
ودعمت السعودية السيسي ماليًا بكثرة في الماضي، ومنحته أكثر من عشرة مليارات دولار في شكل منح وقروض ميسرة منذ عام 2013، إضافة إلى شحنات وقود مجانية. ومع ذلك، مصر مستعدة لمواجهة الرياض، وفي عام 2015 تعرّضت القاهرة إلى ضغوط شديدة لإرسال قوات برية إلى حرب اليمن، وهو ما فعلته.
ولمصر ذكريات سيئة من تدخلها في حرب اليمن عام 1960، وابتعدت عن حملة الرياض للإطاحة ببشار الأسد، ودعمت التدخل الروسي الذي يقف على جانبه، كما تفاوضت على وقف إطلاق النار هناك؛ ما أثار غضب الرياض، ولم تحصل السعودية في النهاية على ما أرادته من مصر مقابل دعمها السخي، حسبما قال «إيريك تراجر» من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.
وأضاف أنّ السعوديين تعلّموا العيش مع مشاركة مصيرية محدودة في اليمن، وصحح السعوديون ومصر الوضع بمحاولة التدخل هناك؛ لكنّ القاهرة «تعلمت الدرس الآن» ولا تريد المشاركة في حربٍ مع إيران.
وتصاعد التوتر بين السعودية وإيران بعد اتهام المملكة طهران بإطلاق صاروخ عليها عن طريق الحوثيين في اليمن، وازداد الأمر حدة بعد استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من الرياض، وندد فيها بـ«حزب الله» واتهمه بمحاولة اغتياله، بينما قالت السعودية إن «حزب الله» يعمل عملًا من أعمال الحرب.
ويظهر سجل مصر في عهد السيسي إحجامه عن المشاركة في أي عمل عسكري ما لم تتعرض أراضيها للخطر المباشر أو «تعرض الخليج لعدوان واضح وصارخ»، وقال المتحدث باسم الرئاسة هذا الأسبوع إنّ «مصر تتبنى موقفًا راسخًا من الحلول العسكرية».
وقال مايكل حنا، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، إنّ مصر بالرغم من مخاوفها مما يفعله الإيرانيون في سوريا واليمن؛ فإيران ليست أولوية عليا لها، ولن تقلق بالطريقة نفسها التي يفعلها السعوديون.