انطلقت القمة الثلاثية الخاصة بالأزمة السورية بين رؤساء تركيا وروسيا وإيران، منذ قليل، لبحث ما أعلنوه بأنه «حلا سياسيا» للأزمة السورية.
وسبقت قمة الدول الضامنة، تحضيرات مكثفة تشير إلى استعدادات وترتيبات قوية تتجهز بها تلك الدول، فقد سبقها بساعات اجتماعاً لرؤساء أركان جيوش الدول الثلاث، كما أنه قبل أقل من ثلاثة أيام اجتمع وزراء خارجية هذه الدول في مدينة أنطاليا التركية.
وتأتي قمة سوتشي للدول الضامنة، بعد يوم واحد من لقاء الرئيس الروسي بوتين مع رئيس النظام السوري بشار الأسد في المنتجع نفسه.
أجندة المؤتمر
القمة التي تعقدها الدول الثلاث الضامنة لعملية التسوية السياسية وإرساء الأمن والاستقرار في سوريا.، والتي بدأت اليوم، أعلنت أجندتها مسبقا لتشمل عدد من الموضوعات التي تخص الشأن السوري في الأساس إلا انها تحمل بين طياتها مصالح تطمح إليها الدول الضامنة كلا حسب موقفها ووضعها وسيطرة القوات التابعة لها في الداخل السوري.
وأعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، في وقت سابق أن المؤتمر المنعقد في سوتشي يبحث «اتفاقات مناطق خفض التوتر»، والفعاليات التي تجرى في تلك المناطق.، كما تضمن بيان نشرته الأناضول أن الزعماء الثلاث سيناقشون «المساعدات الإنسانية» وإيجاد «حل سياسي» استنادا إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
وفي الوقت ذاته، أشار النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، فلاديمير جباروف، إلى أن القمة ستتناول، بالخصوص، تصرفات الولايات المتحدة في سوريا، من أجل طرح موقف موحد إزاء هذه المسألة.
البحث عن المصالح
تشير التوقعات إلى أن المؤتمر لن يخرج إلا عن تفاهمات تتفق عليها الأطراف الثلاثة وفقا لمصالحها الخاصة، ما يشير إلى تقديم كل طرف لتنازل من أجل الحصول على وضع أفضل يحفظ مكانته وأجندته الخاصة، وهو ما أعلنه بوتين خلال أول كلمة له في مؤتمر سوتشي بأن « الحل النهائي في سوريا يحتاح إلى تنازلات من الجميع بما فيهم النظام السوري».
ويتفق الزعماء الثلاث، على محاولة إعادة الاستقرار إلى سوريا، ولكن كلا بطريقته فالحليفتين إيران وروسيا، ترى في الأسد الضامن لإعادة الاستقرار ، بينما تتخذ تركيا موقفا وحيدا بإبعاد الأسد عن الحل السياسي، المزمع الوصول إليه من خلال المحادثات.
أهداف روسية
تعتبر الاوساط السياسية المدافعة عن المعارضة، أن سوتشي هو بوابة تتخذها روسيا من أجل شرعنة بقاء الأسد، فموسكو تريد بأي حال وجود الأسد في أي حل تطرحه على الدول الضامنة.
بقاء الاسد تتشارك فيه مصلحة روسيا التي تهيمن بصورة كبيرة على الأوضاع السورية، وإيران الحليف الآخر للنظام السوري، وهما يحاولان الضغط على الجانب التركي في بعض القضايا التي تعتبرها تركيا امنا قوميا لها.
وتسعى روسيا من خلال المؤتمر، إلى أن تدفع بمفاوضات مباشرة بين النظام والمعارضة، بحسب ما اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونقلته وكالة «أسوشييتد برس»
وتأتي زيارة الاسد الأخيرة لروسيا لترسل عدة رسائل أولها أن الأسد باقي في المشهد بحسب الأجندة الروسية، وهو ما ألمح له ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين بأن زيارته كانت من أجل ضمان موافقته على المبادرة، أما الرسالة الثانية فهي أنها تقول أن موسكو المسيطرة على الوضع في سوريا وبيدها كافة الحلول.
أهداف تركية
يعد الموقف التركي هو الأصعب بين الدول الضامنة، حيث اتخذت أنقرة من اليوم الأول صفوف المعارضة، ومبدأ رحيل الأسد، ولكن تطورات الأوضاع في سوريا عصفت بكثير من آمالها في سيطرة المعارضة بعد دعم روسي كبير لقوات الأسد، ودعم أميركي للأكراد.
ورأى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ابن خلدون الدكتور برهان كور أوغلو في حوار على «الجزيرة» أنه على الرغم من أن تركيا ترى أن دور الأسد كان دائما سلبيا، إلا أن الانتقال يجب أن يكون بشكل تدريجي، وأن تكون هناك هدنة تشمل كل المناطق ولا تتكرر الهجمات التي تخرق هذه الهدنة.
وأصبحت أولويات تركيا في هذه المرحلة الحفاظ على الأمن على حدودها المشتركة مع سوريا، في ظل تزايد التهديدات الناتجة عن حزب العمال الكردستاني وهو الذي تربطه صلات قوية بقوات سوريا الديموقراطية، ولذا تسعى تركيا إلى إنهاء الحرب في أسرع وقت لتخفيف الأثار السلبية التي اجتاحت أراضيها بسبب الأزمة السورية، بحسب ما صرح به البروفيسور في جامعة الاقتصاد والتكنولوجيا في أنقرة «طغرل إسماعيل»، خلال حوار مع وكالة نوفوستي الروسية.
تسعى تركيا لوقف التهديد الكردي على حدودها، وهو ما استدعى اتفاق ثلاثي مع طهران وموسكو من أجل إبعاد الجانب الاميركي الداعم للأكراد، بالإضافة إلى احتياجها لإعادة الهدوء إلى اراضيها والتي تضررت بسبب عمليات تهريب السلاح والعناصر الإرهابية التي أضرت بالسياحة.
إضافة لما سبق تريد تركيا عودة الاستقرار إلى روسيا، لضمان عودة للاجئين في أراضيها والذين سببوا أزمة سياسية مع أحزاب المعارضة، بعد أن بلغ عددهم 3.5 مليون لاجئ.
أهداف إيرانية
تتناغم الاهداف الإيرانية، تارة مع ما تنشده روسيا وهو بقاء الأسد وشرعنة النظام وفرضه كأمر واقع عقب سيطرة كبيرة له في مواجهاته مع تنظيم الدولة، وهو ما يتفق مع رؤيتها فيما يعرف بالهلال الشيعي الذي يمتد إلى سوريا، وعلى الجانب الآخر يتفق الإيرانيون مع الأتراك في التهديدات الكردية وتكوين دولة أكراد تهدد مصالحهم وآمنهم.
وقال رئيس مكتب رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية محمد واعظي أن المباحثات في سوتشي خطوة مؤثرة في حل الأزمة السورية.
وأضاف واعظي في تصريح صحفي أن إيران «تعزز مبدأ تقرير الشعب السوري مصيره بنفسه».